رفع الالتباس حول ما تفشَّى عن الكركرية بين الناس
( السحر – الجن )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي سحر قلوب أوليائه بعظمة بهاء جماله وحجب أفئدتهم عن شهود السوى وذلك بما سرى فيهم من طلسم المحبة فكان لهم الحق هو الحب و الحبيب…وكانوا له بعد فناء رسومهم متحققين بروعة جذبة المحب : أنا العبد…فلا إله إلا الله
والصلاة و السلام على إمام اهل المحبة الذي طافت على حرم جماله أفئدة المحبين سيدنا و مولانا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه ذوي الحب الشريف و أوعية العلم اللطيف الذي هو محجوب عن كل قلب كثيف وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
أما بعد
إنه من أكبر الكبائر و أعظم المصائب معادات أهل المحبة الذين ألقى عليهم الحق تعالى محبة منه و جعلهم وعاء سره المكنون وتولاهم باسمه الولي و أيدهم باسمه النور و أذن لهم من بين كل الخلائق للدلالة عليه…إن معادات هؤلاء السادة الكرام لهو الضلال المبين الذي يمحق البركات ويتلف الخيرات و يجلب السيئات و يؤدي إلى المقت و العياذ بالله تعالى و يستوجب محاربة الله تعالى وهو الكبير المتعال، القاهر ذو الجلال، العظيم السلطان…فأين مكر وقدرة العبد الذليل، المخلوق من ماء مهين، الذي لا يتحكم حتى في شهيقه وزفيره، من مكر وقدرة رب العالمين الذي يغار على أوليائه…كيف وقد أخبر عن نفسه تعالى أنه محارب لمن حاربهم و مبارز لمن بارزهم فقال في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : إن الله قال ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري
ومن أجل ذلك عندما كان للدين شأن في القلوب وكان فيها خوف من علام الغيوب، كانوا يخافون من اذية كل من انتسب إلى جناب الله تعالى، وكانوا يراقبون حرمة أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويسلمون لكل عبد ظهرت عليه انوار كلمة الإخلاص، وقد قال شيخ مشايخنا سيدي أحمد زروق رضي الله عنه – وهو الجامع بين علمي الشريعة والحقيقة – في نصائحه : وقد صح: ” من آذى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة ” وكل مؤمن يمكن أن يكون وليًّا بل هو ولي لقوله تعالى : اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ
فوجب أن تلقى المؤمنين كلهم بالنية وتحكم عليهم بالعلم، فمن وجدته متَّبعًا للسنة اقتديت به، ومن انتسب إلى جانب الله عظَّمته لأجل نسبته وإن كاذبًا لأن الحق سبحانه غيورٌ على جنابه أن يهتك
وقريب منه ورد عن الإمام الذهبي رحمه الله في الموقظة فيما يتعلق بخطورة المسارعة في الحكم على الصوفي حيث قال : ( قال شيخُنا ابنُ وَهْب رحمه الله : ومن ذلك : الاختلافُ الواقعُ بين المتصوِّفة وأهلِ العلمِ الظاهرِ ، فقد وَقَع بينهم تنافُرٌ أوجَبَ كلامَ بعضِهم في بعض ، وهذه غَمْرَةٌ لا يَخلُصُ منها إلا العالمُ الوَافي بشواهد الشريعة ،ولا أَحْصُرُ ذلك في العلم بالفروع ، فإنَّ كثيراً من أحوال المُحِقِّينَ من الصوفية ، لا يَفِي بتمييزِ حَقِّه من باطِلِه عِلمُ الفروع ، بل لا بُدَّ من معرفةِ القواعدِ الأصولية ، والتمييزِ بين الواجبِ والجائز ، والمستحيلِ عقلاً والمستحيلِ عادَة، وهو مقامٌ خَطِر ، إذ القادِحُ في مُحِقَّ الصُّوفية ، داخلٌ في حديث ( من عادَى لي وَلِيّاً فقد بارَزَني بالمُحارَبة ) والتارِكُ لإنكارِ الباطلِ مما سَمِعَه من بعضِهم تاركٌ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) فإذا كان هذا الكلام يختص باهل العلم فما على الجاهلين إلا السكوت
ولكن جرت سنة الحق تعالى أن يكون لكل نعمة حاسد، وأن يكون لكل حق جاحد ومعاند، فإنه كلما علا قدر النعمة كلما كثر عليها الصياح، فكان الفجور على لسان الحاسدين متاح، إذ ليس لقلب الجاحدين للحق من مفتاح، وليس لنا لرد كيد الكائدين إلا الخضوع مع الافتقار لمن بيده مقاليد السموات والأرض، وها هي القلوب ساجدة على عتبة أنوار حسبنا الله ونعم الوكيل
و إنه لما كانت الطريقة – في شخص مؤسسها سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه – طريقة حق كانت منذ ظهورها تتعرض لأنواع البلاء، وتُتهم بما اتهم به المرسلون و الأنبياء، من تكذيب و اتهام بالسحر وغير ذلك من الامور التي ينطق بها أهل الشقاء، كل ذلك من أجل اطفاء نور الذكر من القلوب
ونحن ولله الحمد علمنا – زيادة على ما لدينا من اليقين في أمرنا – ان هذه الطريقة منصورة بإذن الله تعالى وذلك عندما وجدنا كل الذين يعادونها قد دخلوا من باب الكذب و البهتان، و تحريف الحقائق بلا برهان، فذلك عنوان الخسران، فعلمنا بذلك أن طريقتهم منكوسة و قلوبهم مطموسة وأنهم لا يراقبون الله تعالى في قول ولا فعل…ولكن الذي يجعل قلوبنا مرتاحة أننا على يقين ان هذه الدنيا فانية و سياتي يوم عن قريب تجتمع فيه الخصوم عند ملك الملوك وفي ذلك الوقت ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” سورة الشعراء الآية 227
و إننا نتساءل : ما قيمة الدنيا حتى يبيع المرء أخرته بدنياه ؟ وما شأن النفوس حتى ينتصر لها المرء على حساب القرب من الرب القدوس ؟ أليس الكذب يبعد العبد عن مولاه ؟ و يوجب له الطرد والحرمان، أم تراه أصبح في زماننا من صفات العارفين؟ ثم: أليس إشاعة الفاحشة وقذف أعراض الناس موجب للمقت والعقاب؟ أوليس إتهام الغير بما ليس فيهم هو بهتان عظيم يقتضي القصاص يوم الحساب؟ فيا الله يا للعجب : أين مخافة الله تعالى يا من يدعون الصلاح
و إننا في هذه الورقات سنحاول بعون الله وقدرته كشف بعض الحقائق التي أصبحت مجهولة عند أغلب السالكين، والتي من خلالها بات يتسلل جنود إبليس لسرقة قلوب العاشقين من حضرة الله تعالى، وويل لقلب عرف ثم انكر، وويل ثم ويل لعبد اعماه الحسد ثم أدبر، فأصبح يحارب النور، وهو متمسك بالقشور، بضاعته في العلم مزجاة، وهمته في القرب موات، ولقد خاب وخسر من اعرض عن أنوار التنزيل، واشتغل عنها بالقال والقيل
وسنبدأ بالتهمة الأولى التي يوجهونها نحو الطريقة الكركرية وهي : السحر
و لمناقشة هذه التهمة الخسيسة لابد من طرح هذه الأسئلة و الإجابة عنها : لماذا يتهمون الشيخ المربي بكونه ساحرا ؟ وهل فعلا الطريقة الكركرية تتعاطى السحر؟ وما هو السحر ؟ وما حكم الساحر في الشريعة المطهرة ؟ وما حكم من رمى أخاه بالسحر ظلما وعدوانا ؟ وهل تدخل الطلاسم و الأوفاق و الأسماء الأعجمية في نطاق السحر؟ وهل يعتبر علم سر الحرف من العلوم الشيطانية ؟
ونقول : إن اتهام الشيخ المربي سيدي محمد فوزي الكركري حفظه الله تعالى بكونه ساحرا و العياذ بالله هو اتهام باطل يحتاج إلى دليل، وسببه الرئيسي دون مداهنة وبكل وضوح، يمكن أن نجمعه في النقاط التالية
النقطة الأولى : الحسد لأن الذي روج لهذه الإشاعة الكاذبة هم الذين يرون في أنفسهم الأهلية للتصدر للإرشاد، وذلك لأنهم يرون أن ارتداء ثوب الإرشاد هو باب عظيم من أبواب الاسترزاق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهم لا يتنافسون على هذا الأمر إلا من أجل الدنيا، وإلا : أين كانوا قبل ظهور الطريقة بهذا المظهر التي هي عليه الآن، ولقد انضاف إلى هؤلاء بعض الناكثين للعهود، الخائنين للأمانة، المستحلون للكذب، ممن كانوا قبل في الطريقة الكركرية، والذين لم يصبروا على نار التربية، من ثقل المرقعة على النفوس، وتباعد الخلق عنهم، واستقبالهم لبلاء الفقر بسبب سوء تصرفهم مع الدنيا، ومكوثهم على أرض الذلة والمسكنة، وتجاهل الشيخ لهم تارة و إقباله عليهم اخرى، وتقديم بعض الفقراء عليهم لحسب دينهم، لأن الطريق لأهل الإخلاص و الجد لا غير، وأيضا زجر الشيخ لمن أخطأ منهم، ففروا من جلال الشيخ وقالوا: ساحر أو كذاب، و النفس عدوة لمن أراد إخماد نارها، خاصة أن شيخنا ليس كغيره من الشيوخ، لا يمسح على الرؤوس، و لا يوزع المقامات و الدرجات زورا على النفوس، لأنه لا يترك حق الطريقة أن يضيع، لذلك لا يحبه أهل النفوس الحية ويفرون منه، خاصة وقد جربوا صحبته، ورأوا كيف يقهر ظلمة النفس، وذلك لأنه يرى أن كل نفس تعلقت به تريد وجه الحق تعالى، هي عنده أمانة فلابد أن يطهرها بنار المجاهدة حتى لا تبقى فيها رائحة الأنا ولا الالتفات إلى السوى، لأنه قد أقسمت حضرة القدوس أن لا يدخلها أرباب النفوس، فلتموتي كمدا وغيظا أيتها الظلمة البائسة، ومن ظن أنه قد دخل الحضرة بمجرد ادراكه لسر أو سرين أو حتى سبعة أسرار، فقد حكم على نفسه بالجهل، واشار إلى البعد من حيث يريد القرب، لأن معرفة حضرة الذات هي فوق طور الأسرار، فقد جلت حضرة المسمى ان يدرك كنهها اسم أو صفة، وذلك حتى لا يعرف الله إلا الله، فكيف تحصره بجهلك في فلك الهاء وهي أخر تدلي للحقيقة، فأين أسرار اللامين و الألف والنقطة، و أين مكنون غيب الاسم الذي هو حقيقة اسم الله الأعظم، ألا تعلم أن أسرار الهاء تعطينا فقط معرفة كيف تجلى النور باسم القيوم حتى قامت به ظلال الكائنات، تعلمك فقط كيف تفني صور العدم بنور القدم، فكيف تدعي انك فهمت أسرارها و أنت قد جعلت العدم والوهم هو عين الحق، بل ورميت بظنك هذا من ليس يرى ما رأيت، ولا اعتقد يوما بما إليه أشرت، فكيف يظن عاقل أن فلانا من الناس يدعي الألوهية كما تزعمون وتروجون، فتعالى الله أن يحل في شيء أو يحل فيه شيء، أو يتحد مع شيء أو يتحد معه شيء، وهو الذي إذا أراد أن يظهر شيئا من العدم إلى الوجود قال له كن: فيكون
وبسبب كل ذلك وغيره لم يبقى لهؤلاء من أجل أن يستروا ظلمة أنفسهم إلا أن يتهموا الحق بالسحر حتى يجعلوه باطلا، وهاهم ستروا أنفسهم في الدنيا، فكيف يسترونها يوم الميعاد ؟
النقطة الثانية : أنه ما ظهر احد بمثل ما ظهر به الشيخ إلا حُورب و اتهم بالسحر والكبائر من الذنوب، لعلهم يغيبوا شمس ولايته، والتاريخ يشهد على ذلك، فهاهم سادة الخلق أجمعين من الأنبياء و المرسلين، يتهمهم اهل الجحود والعصيان بالسحر و الجنون قال تعالى : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ) الذاريات 52…وكذلك حال ورثتهم من الأولياء لابد أن يشار إليهم بمثل ذلك، حتى يطفئوا نور دعوتهم، ولك أن تقرأ إن شئت عن سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه كيف طروده واتهموه بكونه ساحرا، وكذلك عن سيدي احمد زروق الفاسي رضي الله عنه، وسيدي محمد بن قدور الوكيلي رضي الله عنه الذي حاولوا قتله، وكذلك الحال بالنسبة لسيدي أحمد العلوي المستغانمي رضي الله عنه كيف كان يتهمه اهل بلده بالسحر كما جاء في كتاب الشواهد و الفتاوى فيما صحَّ لدى العلماء من أمر الشيخ العلوي، للشّيخ محمد بن عبد الباري الحسني رحمه الله برحمته الواسعة، و على كل حال فأسماء أهل الله الذين اتهمهم العوام بالسحر كثيرة لا قدرة لنا على احصائها، وبهذا نعلم أن المخصوص لابد أن يلقى مثل ما لقيه سلفه فالحمد لله على كل حال أولا و أخرا
النقطة الثالثة : أن العلم اللدني لا يخضع إلا لقانون الوهب و الكرم، فلا يسري عليه أقيسة العقول، ولا يُتحصل عليه بالأفكار والفهوم، ولا يجري عليه ما يجري على العلم الظاهر، لأنه من حضرة الغيب يأتي، فكيف تريد فهمه بالطريقة التي اعتدت فيها فهم الأشياء الشهادية، فضلا على أن تحكم على بعض اشاراته وتجعله من السحر، وانت لا تعلم ما هو السحر ؟ ولا ما هو العلم اللدني ؟ فكيف تفرق بين الحق من الباطل و أنت للجهل مائل ؟ ولك أن تعتبر بالمناظرة التي جرت بين الشيخ سيدي أحمد العلوي رحمه الله و علماء الزيتونة، أو بين الإمام الجنيد رضي الله عنه و بين فقهاء بغداد بحضور المتوكل وقد كان على رأس الفقهاء أنذاك الإمام علي بن أبي ثور رحمه الله تعالى الذي
قال لهم : ” تسألون الجنيد ” ؟
فقالوا :” نعم
فقال :” لَهُم أفيكم من هو أفقه منه؟
فقالوا ” لا “، فقال ” يا عجبا هو أفقه منكم في علمكم، وقد تفقَّه في علمٍ تُنكرونَهُ عَليه، ولاَ تعرفونه فكيف تسألون رجلا لا تدرون ما يقول ؟ ” انتهى
وقد قيل الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد علمت أن العلم اللدني الذي يقذفه الله تعالى في قلوب أوليائه لا يمكن لعقلك المقيد ان يتصوره، فكيف حكمت عليه ؟ لذلك كان أهل العلم في الزمن الماضي يزنون احوال الرجال بميزان الاستقامة على الشرع، وهو الميزان الوحيد الذي يمكنك من خلاله التفريق بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان، و نحن نشهد شهادة لله ثم للتاريخ أن الشيخ المربي سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه من أهل الاستقامة الكاملة فلا نراه إلا ذاكرا أو مذكرا، لا يتساهل في السنن، وهو من أهل القيام والصيام، والابتعاد عن كل ما حرمته الشريعة، مقبلا على الخيرات، دائم الطهارة وتلاوة القرآن، من أهل الكرم والجود، لا مثيل له في أخلاقه و لا في أدابه، وهو لحد الآن رغم الشتائم التي تتهاطل عليه ليل نهار، لم نسمعه ينتقص أحدا من خصومه، بل هو ناظر إلى ما قدره الحق عليه، منتظرا يوم الميعاد ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )…فيا للعجب كيف يعطلون العقول، ولا يتدبرون ما صح من النقول، أليس أن ظلمة الساحر تبددها أنوار لا إله الا الله محمد رسول الله، فيكف يكون ساحرا وهو يرددها ليل نهار، كيف يكون ساحرا وهو يتلوا أية الكرسي كل يوم ؟ كيف يكون ساحرا وهو يقرأ سورة البقرة و يوصي تلامذته وغيرهم بقراءتها؟ فلماذا يضيع أوقاته في القيام والذكر إن كان ساحرا؟ ولكم ان تتأملوا أوراد الطريقة، والاطلاع على رسالة ” الرد السليم على شطحات الفهم السقيم “ حتى تتضح الرؤية أكثر، فان قلتم: نعم يفعل ذلك وهو مع ذلك ساحر، فقد سقطتم في مصيدة ابليس و كذبتم الله ورسوله ، وجعلتم لكلمة الشيطان الغلبة و القوة وهو الضعيف المهان ، ثم أليس لو انه كان ساحرا لسحر اعداؤه و أسكتهم؟ ولكن أين الانصاف؟ أم زمن المروء و الشهامة قد أدبر ولم يبقى إلا اتباع الهوى واللهث وراء المصالح
النقطة الرابعة : أن الشيخ بمجرد أن تصافح يده لأخذ العهد يشرق في قلبك النور، فتراه ببصيرتك وبصرك وذلك دون بخور ولا طقوس مخصوصة و لا علاج وانما فقط بالذكر لا غير، فظهور النور بهذا الشكل هو كرامة في حق الشيخ ،فمن ثم قال أهل العلم ان الفرق بين الولي و الساحر يكون من وجهين : أحدهما وهو المشهور، إجماع المسلمين على أن السحر لا يظهر إلا على فاسق، و الكرامة لا تظهر إلا على ولي ولا تظهر على فاسق، وبهذا جزم إمام الحرمين و أبو سعيد المتولي وغيرهما. والثاني أن السحر يكون ناشئا بفعل وعلاج، والكرامة لا تفتقر إلى ذلك
فإذا ظهر بطلان دعوى كون الشيخ المربي ساحرا، فمباشرة سيبطل معها كون الطريقة الكركرية تتعاطى السحر، لأن هذه خرجت من ذاك، اللهم إلا إن كان ذكر الله تعالى والتعرض لنفحات الحق تعالى في الأوقات الفاضلة و الصلاة على النبي المختار و مخالفة النفس في اللباس، وقتل الكبر والعجب والحسد الذي فيها، و الاشتغال على تنوير القلب وتعميم النور على سائر الجسد، ومشاهدة الأنبياء و الصالحون، فان كان كل هذا سحرا فما أحلاه من سحر…ألا تعلم أن تنزل المدد يكون على حسب صفاء العقيدة…فلو لم تكن الطريقة على حق، لم يكن الله تعالى ليؤيدها بالنور والمشاهدات النبوية ؟ لأنه المعطي الوهاب وحده جل جلاله، أم تراكم تعتقدون أن رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم تحصل للساحر؟ حاشا وكلا أفلا تتدبرون
ولذلك لابد أن نتسأل عن ما هو السحر ؟ وما حكم الساحر في الشريعة المطهرة ؟ وما حكم من رمى أخاه بالسحر ظلما وعدوانا ؟ فيُجاب عن كل هذا بما يلي
قال الأزهري : ( السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه كل ذلك الأمر كينونة للسحر ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى السحر الأخذة وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر … وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه … الخ ) [ لسان العرب ص 348 / 3 ] و السحر لا يتمكن منه الساحر حتى يكون هذا الساحر له عقد مع الشيطان، بأن يطيعه ولا يعصه وأن يصلي بعكس القبلة وبجنابة وأن يعمل أعمالاً تهين المقدسات الدينية وغيرها من الأمور المقشعرة للجلود والتي هي موغلة في النذالة والحقارة و الكفر و السفالة، فلو خالف الساحر الشيطان بصلاة لله أو بذكره لله أو بتلاوته للقرآن الكريم فإن السحر لا ينفعل له من الشياطين فتأمل
و السحر ينقسم إلى قسمين
شرك، وهو الذي يكون بواسطة الشياطين، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور
عدوان، وفسق وهو الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها
وبهذا التقسيم الذي ذكر نتوصل إلى مسألة مهمة، وهي: هل يكفر الساحر أو لا يكفر؟
اختلف في هذا أهل العلم
فمنهم من قال: إنه يكفر
ومنهم من قال: إنه لا يكفر
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة، فمن كان سحره بواسطة الشيطان، فإنه يكفر لأنه لا يتأتى ذلك إلا بالشرك غالباً، لقوله تعالى
)وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ… إلى قوله: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ [البقرة:102]، وأما قتل الساحر، فإن كان سحره بالأدوية والعقاقير ونحوهما، فلا يكفر، ولكن يعتبر عاصياً معتدياً
ومن هنا نعلم أن من رمى أخاه المسلم بالسحر ظلما وعدونا فقد دخل بابا عظيما من أبواب الظلم، لانه من اتهم غيره بالسحر فكأنما رماه بالكفر وقد صح عنه – صلى الله عليه وسلم – انه قال : ( إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ) وفي الرواية الأخرى ( أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه ) ، وفي الرواية الأخرى : ( ليس من رجل ادعى لغير أبيه ، وهو يعلمه إلا كفر . ومن ادعى ما ليس له فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار . ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه )…فليراقب المرء لسانه حتى لا يندم يوم لا تنفع الندامة، وليخشى العبد ربه فقد قال الشيخ أبو بكر بن فَوْرك رحمه لله (الغلط في إدخال ألف كافر بشبهة إسلام، خير من الغلط بإخراج مسلم واحد بشبهة كفر)
والسحر لا يكون سحرا إلا إذا جر مضرة أو معصية أو كان فيه التوجه إلى غير الله تعالى من الشياطين واعتقاد الكواكب ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في ” الأم ” : ( والسحر اسم جامع لمعان مختلفة، فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به، فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه، فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئاً، وإن كان ما يسحر به كلاماً لا يكون كفراً، وكان غير معروف ولم يضر به أحد نهي عنه، فإن عاد عزر، وإن كان يعمل عملاً إذا عمله قُتِل المعمول به، وقال عمدت قتله، قتل به قوداً، إلا أن يشاء أولياؤه أن يأخذوا ديته…)
وللإمام النووي رحمه الله تعالى عبارة جامعة في حكم السحر حيث قال
قد يكون (السحر) كفراً، وقد لا يكون كفراً بل معصيته كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر، وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام فإن تضمن ما يقتضي الكفر كفر وإلا فلا، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عزر واستتيب
وقد اختلف أهل العلم هل للسحر حقيقة، فقيل لا و الصحيح أو الصواب الأول دل عليه ظاهر القرآن والسنة، قال الماوردي : اختلف العلماء على القدر الذي يقع به السحر ولهم فيه اضطراب فقال بعضهم : لا يزيد تأثيره على قدر التفريق بين المرء وزوجه لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده و تهويلا له في حقنا فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى أحواله المذكورة
ولقد اختلفوا في حكم تعلم السحر فذهب الجمهور إلى تحريم تعلمه و لكن القاضي حسين و إبراهيم المروزي قالا: إن كان في تعلمه ترك طاعة لله عز وجل لا يجوز و إن لم يكن فإن قصد بتعلمه دفع سحر الناس عن نفسه جاز وإن قصد تعلمه ليسحر الناس لم يجز. انتهى
ولقد روي عن محمد بن سيرين ، أنه سئل عن امرأة يعذبها السحرة ، فقال رجل أخط خطًا عليها وأغرز السكين عند مجمع الخط وأقرأ القرآن ، فقال محمد : ما أعلم بقراءة القرآن بأساً على حال ، ولا أدري ما الخط والسكين ؟ وروي عن سعيد بن المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته فيلتمس من يداويه فقال: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع وقال أيضا : إن استطعت أن تنفع أخاك فافعل “اهـ. انظر المغني ج/ ١٢ ص: ( ٣٠٥ – ٣٠٤)
وقال ابن مفلح في (الفروع في الجزء العاشر ط: مؤسسة الرسالة ص: ٢٠٧، ٢٠٩ ) :”..وتوقف الإمام أحمد في الحل بسحر وفيه وجهان وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها..قال :لا بأس ، قال الخلال إنما كره فعاله ولا يرى به بأسا كما بينه مهنا ، وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها ، قال المرداوي في تصحيحه : قال في آداب المستوعب : وحل السحر عن المسحور جائز والوجه الثاني لا يجوز “. اه
وفرق القرافي بين من يتعلم السحر بمجرد معرفته لما يصنع السحرة كان يقرأه في كتاب وبين أن يباشر فعل السحر ليتعلمه فلا يكفر بالنوع الأول ويكفر بالثاني حيث كان الفعل مكفراً ” ٣١ والفروق للقرافي / ٤٠٨
وقال الموفق ابن قدامة – رحمه الله – :” .. وأما من يحل السحر ؛ فإن كان بشيء من القرآن أو شيء من الذكر والأقسام والكلام الذي لا بأس به فلا بأس به ، وإن كان بشيء من السحر فقد توقف أحمد عنه
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر ؛ فقال : قد رخص فيه بعض الناس . قيل لأبي عبد الله : إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا . فنفض يده كالمنكر . وقال : لا أدري ما هذا ؟ قيل له : فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر فقال ما أدري ما هذا ؟
فلم يبقى بعد هذا الكلام إلا الإنصاف لان من السهل جدا ان تتكلم بما تريد، لكن ليس من السهل ان تتحمل تبعاته يوم القيامة، و أنت ترى أن حتى كبار العلماء كيف يتوقفون ويفرقون ويزنون السحر بميزان شرعي دقيق حتى لا يظلموا احدا من الناس، و يأتي العوام فينسبون للطريقة كل عمل شنيع بل دليل، مع أنها قائمة على الشريعة ولا تخالفها في الفعل و الحال
أما جواب : هل تدخل الطلاسم و الأوفاق و الأسماء الأعجمية في نطاق السحر؟ وهل يعتبر علم سر الحرف من العلوم الشيطانية ؟ فكالتالي
ينبغي التنبيه أولا على أن هذه العلوم ليست مقصودة للسالكين، و إنما المقصود منه هو الوصول إلى معرفة الله تعالى حتى يعطي العبد للربوبية حقها وللعبودية حقها، وهو في ذلك لا يحتاج إلا لعلم النور و الأسرار، فبهما تتحقق غاية العبد ويصل إلى رياض المعرفة، أما هذه العلوم فهي من فروع الطريقة ، فأما الطلاسم و الأوفاق فهي من المنزل السليماني لسيدنا سليمان عليه السلام، وعلم اسرار الحروف هو من المنزل العيساوي لسيدنا عيسى عليه السلام يعرف ذلك أرباب الذوق في كل زمن
وقد روى الإمام مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال
بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي. قال: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، والله ما قهرني ولا شتمني ولا ضربني. قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله إنا قوم حديثو عهد بالجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا قوما يأتون الكهان قال: فلا تأتوهم. قلت: إن منا قوما يتطيرون. قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم. قلت: إن منا قوما يخطون. قال كان نبي يخط فمن وافق خطه فذلك
وقال القرطبي : حكى مكي في تفسيره أنه روي أن هذا النبي كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر ، وعن ابن عباس يخط خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو على مهل خطين فإن بقي خطان فهي علامة النجح وإن بقي خط فهو علامة الخيبة. انتهى
و قال الإمام النووي رحمه الله : اختلف العلماء في معناه فالصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح ، ولا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافق فلا يباح…قلت : الصحيح أنه من كان ينظر بنور الله تعالى لا يخفى عليه ذلك و إلا كيف توصل حبر هذه الأمة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حتى وصف لنا كيف كان يخط هذا النبي عليه السلام
وقد قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى وهو يشرح معنى الأوفاق : (( علم الأوفاق يرجع إلى مناسبات الأعداد وجعلها على شكل مخصوص ، وهذا كأن يكون بشكل من تسع بيوت مبلغ العدد من كل جهة خمسة عشر ، وهو ينفع للحوائج وإخراج المسجون ووضع الجنين وكل ما هو من هذا المعنى وضابطه بطد زهج واح ، وكان الغزالي رحمه الله يعتني به كثيراً حتى نسب إليه ولا محذور فيه إن استعمل لمباح بخلاف ما إذا استعين به على حرام ، وعليه يحمل جعل القرافي الأوفاق من السحر )) [ الفتاوى الحديثية ص 4 ]…ومنه يُعلم أن القرافي رحمه الله جعل الأوفاق من السحر إذا استعين بها على حرام، ولا محذور فيه عند الهيثمي اذا استعمل لمباح فتأمل
وقال العلامة الشوكاني في البدر الطالع، في ترجمة العباس التونسي : ” السيد العباس بن محمد المغربي التونسي قدم إلى صنعاء في سنة 1200، وله معرفة بعلم الحروف والأوفاق، رأينا منه في ذلك عجائب وغرائب، وأخذنا عنه في علم الأوفاق لقصد التجريب لا لاعتقاد شيء من ذلك، وكان إذا احتاج إلى دراهم أخذ بياضاً وقطعه قطعاً على صور الضربة المتعامل بها، ثم يجعلها في وعاء ويتلو عليها، فتنقلب دراهم، وكنت في الابتداء أظن ذلك حيلة وشعوذة، فأخذت ذلك الوعاء وفتشته فلم أقف على الحقيقة، فسألته أن يصدقنى؟ فقال: أن تلك الدراهم يجئ بها خادم من الجن يضعها في ذلك الوعاء بقدر ما جعلته من قطع البياض، ويكون ذلك قرضاً حتى يتمكن من القضاء فيقضي.. وكان يكثر التردد إلي، وأنا إذ ذاك مشتغل بطلب العلم..وكذلك وصف لنا من رافقه من حجاج اليمن في الطريق من مروءته وإحسانه إليهم في الطريق وشكره لأهل اليمن عند أصحابه وغيرهم ما يدل على أنه من أهل المروءات… وكان طويلاً ضخماً حسن الأخلاق أبيض اللون شديد القوة، ويحفظ منظومة في فقه المالكية، وله معرفة بمسائل من أصول الدين، وكان يصمم على ما يعرفه فإذا ظهر له الحق مال إليه..”…فلو كان تعلم علم الأوفاق حرام لما أقدم من هو مثل الإمام الشوكاني في العلم و اتباع السنة على تعلمه ولو للتجريب إذ لا تجربة في الحرام
ثم : اعلم أن نسبة المثلث للغزالي مشهورة عند العلماء، تسمى ( بطد زهج واح ) مثلث حجة الإسلام الإمام أبى حامد الغزالى ، ويسمى خاتم الغزالى ويسمى وفق زحل ويسمى الوفق الثلاثى قال القرافي في الفروق وهو يتكلم عن الأوفاق : وكان الغزالي يعتني به كثيرا حتى أنه ينسب إليه وضابطه : ( ب ط د ز هـ ج و ا ح)
أما عن سر الحرف يقول الشيخ الأكبر ابن عربي رحمه الله : ( السحر بالإطلاق صفة مذمومة وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف وهو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال فهو وان كان مذموماً بالإطلاق فهو محمود بالتقييد وهو من باب الكرامات وهو عين السحر عند العلماء فقد كانت سحرة موسى مازال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا برب موسى وهرون ودخلوا في دين الله وآثروا الآخرة على الدنيا ورضوا بعذاب الله على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر ويسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة وهي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف وتركيب أسماء وكلمات فمن الناس من يعطي ذلك كله في بسم الله وحده فيقوم له ذلك مقام جميع الاسماء كلها وتنزل من هذا العبد منزلة كن وهي آية من فاتحة الكتاب ومن هنا تفعل لا من بسملة سائر السور وما عند أكثر الناس من ذلك خبر والبسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة وأما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة وقد لقينا فاطمة بنت مثنى وكانت من أكابر الصالحين تتصرف في العالم ويظهر عنها من خرق العوائد بفاتحة الكتاب خاصة كل شئ رأيت ذلك منها وكانت تتخيل ان تلك يعرفه كل أحد وكانت تقول لي العجب ممن يعتاص عليه شئ وعنده فاتحة الكتاب لأي شئ لا يقرؤها فيكون له ما يريد ما هذا إلا حرمان ) [الفتوحات المكية (3/214)] وقد فهم المخالفون هذه العبارة أن الشيخ محي الدين يقول بجواز السحر مطلقاً، وهو لم يقصد هذا الكلام، فهو يقول أن مجرد معرفة هذا العلم على التقييد يعني بشكل جزئي ليس حراماً، والشيخ ابن عربي كان مجتهداً في فروع الفقه واستنباط الأحكام الفقهية لديه أمر يسير عليه لتبحره في العلوم، وإنما قال الشيخ الأكبر أنه كما كان يعرفه سحرة موسى السحر بعدما آمنوا بالله فهذا لا يضرهم ، فما كان من هذا العلم وطبائع الحروف وتركيبها نفعاً فهو مباح وأما ما كان للإضرار فهو من الكبائر
وابن عربي كان يعرف أن السحر حرام ومن الموبقات فهو يقول في أحد وصاياه : ((وأكثِرْ من أكل الزيت والأدهان به وإذا اشتريت طعاماً فاكتله واجتنب السبع الموبقات وهي الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) [الفتوحات المكية (7/265)] ولقد تعلم ابن عربي رضي الله عنه علم السيمياء في السماء الثانية عندما عرج به قال : (( ومن هذه الحضرة تعلم علم السيمياء الموقوفة على الحروف والأسماء لا على البخورات والدماء وغيرها … الخ )) [ الإسفار عن رسالة الأنوار ص 126 ] أما عن الأسماء الأعجمية : فيقول الإمام شيخ الإسلام أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي مذهبا الصوفي الأحمدي البدوي طريقة ومشرباً في كتابه ” الفتاوى الحديثية ” ( صـ / 69 )-
مطلب : ( هل كتابة الأسماء التي لا يعرف معناها والتوسل بها مكروه أو حرام )
” 32 – وسئل رضي الله عنه : عن كتابة الأسماء التي لا يعرف معناها والتوسل بها هل ذلك مكروه أو حرام ؟ وهل هو مكروه في الكتابة والتوسل بتلك الأسماء التى لا يعرف معناها أو حرام في التوسل دون الكتابة ؟ فقد نقل عن الغزالي أنه لانحل لشخص أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه , وهل فرق في ذلك بين ما يوجد في كتب الصالحين كعبد الله بن أسعد اليافعى وغيره أم لا ؟
فأجاب بقوله : الذي أفتى به العز بن عبد السلام كما ذكرته عنه في ” شرح العباب ” : أن كتب الحروف المجهولة للأمراض لا يجوز الاسترقاء بها , ولا الرقى بها لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرقى قال : ” اعرضوا على رقاكم فعرضوها فقال : لا بأس ” وإنما لم يأمر بذلك لأن من الرقى ما يكون كفرا وإذا حرم كتبها حرم التوسل بها , نعم إن وجدناها في كتاب من يوثق به علما ودينا فإن أمر بكتابتها أو قراءتها احتمل القول بالجواز حينئذ لأن أمره بذلك الظاهر أنه لم يصدر منه إلا بعد إحاطته واطلاعه على معناها وأنه لا محذور في ذلك ” أه مختصرا
و قال سيدى الإمام أحمد الصاوى فى حاشيته على الشرح الصغير للإمام أحمد الدردير المالكي : ( قوله : [ ولا يرقى بالأسماء التي لم يعرف معناها] أي ما لم تكن مروية عن ثقة كالمأخوذة من كلام أبي الحسن الشاذلي كدائرته والأسماء التي في أحزاب السيد الدسوقي والجلجلوتية ). ا.هـ
فمن خلال كل هذه النقول نستفيد النقاط التالية
أن هذه الأمور في ذاتها ليست مذمومة، و إنما تُذم فقط إذا استعينت على الحرام
أن هذه الامور إذا وردت عن أهل الصلاح فهي مباحة وإذا لم يُعرف قائلها وجب التوقف
أن كل حقيقة أو علم جاء مخالف للشريعة فهو باطل
أن الأولياء يهبهم الله تعالى هذه العلوم، بسبب استقامتهم واتباعهم للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فهم لا يتوصلون إلى ذلك إلا عن طريق الذكر، وذكر الله لا يؤدي إلا لكل خير، فمجلس ذكر فيه اسم الله لا يحضره الشيطان، لانه لا يضر مع اسم الله شيء، فكيف يُتصور أن تكون بعض علوم الذاكرين من الشيطان
أن السحر لا يكون سحرا إلا إذا أدى إلى الشرك أو كبيرة من الكبائر، فهنالك فقط تحضر الشياطين قال تعالى : ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ) الشعراء الآية 221و222…يقول الإمام ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه في تفسيره : ( هل أنبئكم على قَلْبِ مَنْ تَنَزَّلَتْ الشياطينُ، وسكنت فيه، تنزل على قلب كل أفاك أثيم، خارب من النور، محشو بالوسواس والخواطر، يلقون السمع إلى هرج الدنيا وأخبارها، وهو سبب فتنتها؛ فإن القلب إذا غاب عن أخبار الدنيا وأهلها، سكن فيه النور وتأنس بالله، وإذا سكن إلى أخبار الدنيا وأهلها سكنت في الظلمة، وتأنس بالخلق، وغاب عن الحق. ولذلك قيل: ينبغي للمؤمن أن يكون كالفكرون؛ إذا كان وحده انبسط، وإذا رأى أحداً أدخل رأسه معه, وأكثر ما يسمع من هرج الدنيا كذب وإليه الإشارة بقوله: { وأكثرهم كاذبون } ، ومن جملة ما يفسد القلب: تولهه بالشعر، وفي الحديث: ” لأنْ يمتلىءَ جوفُ أحدِكُم قَيْحَاً خيرٌ له من أن يَمْتَلِىءَ شِعْراً ” أو كما قال صلى الله عليه وسلم، إلا من كان شعره في توحيد الله، أو في الطريق، كالزهد في الدنيا، والترهيب من الركون إليها، والزجر عن الاغترار بزخارفها الغرارة، والافتتان بملاذها الفانية، وغير ذلك، أو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، والمشايخ الموصلين إليه تعالى، بشرط أن يكون الغالب عليه ذكر الله..)
أن الطاعات و الموافقات لا تجتمع مع الظلمة بحال من الأحوال
وإليك أسماء بعض أهل الخصوص الذين اشتغلوا ببعض هذه العلوم، حتى تعرف أنها من علوم الأولياء
الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ( انظر كتابه : السر الجليل )
الإمام محي الدين بن عربي رضي الله عنه كما جاء في الفتوحات وغيرها
الإمام عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه كما جاء في أحزابه
الإمام أحمد زروق رضي الله عنه كما جاء في كتابه شرح أسماء الله الحسنى ، ولقد قال في كتابه قواعد التصوف : فللعامي تصوف حوتـه كتب المحاسبي و مـن نحا نحوه وللفقيه تصوف رامـه ابن الحاج في مدخله، وللمحدث تصوف حام حـوله ابن العربي في سراجه(سراج المريدين) ، وللعابد تصوف دار عليه الغزالي في منهاجه، وللمتريض تصـوف نبه عليه القشيري في رسالته، وللناسك تصـوف حـواه القوت والإحياء، وللحكيم تصوف أدخله الحاتمي في كتبـه، وللمنطقي تصـوف نحا إليه ابـن سبعين في تأليفه، وللطبائعي تصوف جاء به البوني في أسراره، وللأصولي تصـوف قام الشاذلي بتحقيقه، فليعتبر كل بأصله مـن محله ” وكما يعلم الخاص والعام ان البوني يشتغل بالطلاسم واسرار الحروف
حجة الإسلام الإمام الغزالي رضي الله عنه كما جاء في المنقذ من الضلال و رسالة سر العالمين وكشف ما في الدارين
الإمام ابن الحاج التلمساني رضي الله عنه صاحب الكتاب النفيس ” المدخل ” وذلك في كتابه : شموس الأنوار وكنوز الأسرار في علم الحروف وروحانية
الإمام عبد الله بن أسعد بن علي اليافعي رضي الله عنه في كتابه : الدر النظيم في خواص القرآن العظيم
الإمام برهان الدين بن قزاعة رضي الله عنه
الإمام النبهاني رضي الله عنه في جامع كرامات الأولياء
الإمام ماء العينين رضي الله عنه في كتاب نعت البدايات وتوصيف النهايات
والقائمة طويلة ولكن كما قلنا سابقا هذه الأشياء ليست هي الغاية إنما الغاية وجه الله تعالى، ومع ذلك نقول أنه من أنكرها فهو ينكر على جميع اهل الله تعالى الذين وهبهم الله تعالى هذا العلم، وإن تعجب فاعجب ممن ينكرها وهو لا يعرف حقيقتها ولا يتصور معناها فكيف له أن يحكم على ما يجهل، فليس كل خط وضعته ولا كل طلسم رسمته هو حرام، خاصة و أنه جاء عن الأئمة الأعلام، وحصلوا عليه بذكر الله تعالى في سائر الأوقات و الأيام، وقد مر معنا كيف أن الإمام أحمد رضي الله عنه عندما وُصفت له تلك الحالة ولم يدرك معناها، كيف انه توقف عن الإفتاء، وأين انت من علم الإمام احمد وورعه وخوفه…والله اعلم
أما القضية الثانية التي تثار حول الطريقة الكركرية، فهي : التعامل مع الجن
فنقول : إن تعامل أهل الله تعالى مع الجن هو بالضبط مثل تعاملهم مع الإنس إذ العلاقة التي تجمع بينهم هي علاقة تعلم وتعليم ، ودلالة و إرشاد، ونصح لهم لأنهم من جملة العباد، فهم كذلك مكلفون بمعرفة الله تعالى، فلذلك كانوا دائما يحضرون مجالس الذكر والعلم، وقد قال الإمام محمد بن محمد بن عبد الله معن الأندلسي رضي الله عنه وهو من رجال السند في طريقتنا المباركة : ( أول ما يخدم المخصوص من الجن، لأنه أكيس من الأدمي )، ولقد ذكر الشيخ سيدي أحمد العلوي رضي الله عنه في كتابه ” برهان الخصوصية ” كيف كان شيخه يتعامل مع الجن ويلقنهم الأوراد و الاذكار، ثم انه لا يكون الخليفة خليفة وهو الحامل لعلم الأسماء حتى يكون تحت لوائه أرواح الجن والإنس جميعا، وهكذا هو حال الشيخ المربي سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه فكما يأخذ عنه الإنس يأخذ عنه الجن ولا اشكال في ذلك ولا محظور
و على العموم فهذا امر معروف عند الأولياء، أما العلماء فلا ينكرون مثل ذلك، بل لقد جوزوا أمورا تتجاوز حد التعليم و التعلم، فلقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وهو المنتقد للتصوف في دقائق التفسير أن استخدام الإنس للجن على ثلاثة أقسام
الأول : ما يكون محرماً ، وذلك كالاستعانة بهم في المحرمات ، من الشرك والفواحش والقول على الله بلا علم
الثاني : ما يكون مباحاً ، وذلك كمن يستخدمهم في أمور مباحة ، كإحضار ماله ، أو دلالته على ما ليس له مالك معصوم ، أو دفع من يؤذيه ، ونحو ذلك من الأمور المباحة
الثالث : أن يستعملهم في طاعة الله ورسوله فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله ، كما يأمر الإنس وينهاهم ، وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم ، وحال من اتبعه واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق..انتهى
وبناء على هذا التفصيل يمكن أن يقال إن استخدام الإنس للجن يباح في المباحات ، ويحرم في المحرمات، و أيضا فإن النبي سليمان عليه السلام كان له خدم من الجن مسخرة له يتصرفون له ويعملون له أشياء غريبة عجيبة بنص القرآن الكريم يقول الله عز وجل: ( ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ) ومع هذا فإن الله عز وجل قال: ((وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين هاروت وماروت)
فتسخير الجن مع اعتقاد النفع والضر بيد الله وحده للأمور المباحة ولفك السحر وللنفع ليس حراماً بنص القرآن، لكن الحرام أن يستخدم الجن بقصد الضرر والأذى وهو كفر ويقتل فاعله حداً عند المالكية وكفراً عند الجمهور، وسفينة النجاة التي يركبها الأولياء هي تحقيقهم لمعنى التوحيد الذي يشهدك سر ” بإذن ربه ” فهي العاصمة من الشرك والضلال
فمن هنا كان كل من يجعل التعامل مع الجن في كفة الحرام ، لا يعبأ بكلامه ولا بقوله، كيف يكون ذلك وقد تعامل مع الجن سيد الأولين و الأخرين صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده تعامل معهم أهل الفضل و الصلاح، و أكثر جني حظي بشهرة بين أولياء الله تعالى، حتى أخذوا منه وتبركوا بصحبته وتفاخروا بها هو الجني : سيدي عبد الرحمن المعروف ب ” شمهروش ” رضي الله عنه، فمن هو سيدي ” شمهروش ” حتى يتعامل معه أهل الله تعالى في كل زمن ؟
فللجواب أنقل لكم : هذا التعريف بملك ملوك الجن وقاضي قضاتها، السيد شمهروش – رضي الله عنه
هو: أبو محمد عبد الرحمن المعروف بـ ( شمهروش عند المغاربة أو شمهورش عند المشارقة) وهو ملك ملوك الجن وقاضي قضاتها، وهو صحابي جليل من النفر الذين سمعوا القرآن من النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن رواة الحديث عنه – صلى الله عليه وسلم – ومن أصحاب مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري، روى عنه
علم الدّين سُلَيْمَان مؤدب الْجِنّ، و علي بن عمر المنيني، وعبد الْغنى بن اسماعيل النابلسى، و سيدي عليّ الأجهوري، و الحلبي صاحب السيرة، و الشيخ سلطان المزاحي، و أحمد بن محمد الحبيب اللمطي، و محمد بن أبي القاسم الجزري، والتاودي بن سودة، و السنوسي الكبير، و المعمر محمد بن عبد الفتاح الجني، وخلق كثير غيرهم
ولابن عبد السلام الفاسي تأليف في إثبات صحبة شمهروش الجني في أربع ورقات، وأيضا لمحمد عبد الحي الكتاني تأليفان في هذا وهما: “مواهب الرحمن في صحبة القاضي أبي محمد عبد الرحمن، يعني شمهروش” و ” المحاسن الفاشية عن الآثار الشمهروشية”
وقد ذكره الشيخ عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في كتابه النفيس : ” فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات ” من تحقيق إحسان عباس عن دار الغرب الإسلامي ،سنة النشر: 1402 – 1982
يقول الإمام الكتاني في فهرس الفهارس (جزء 1 – صفحة 233 )
وسمع حديث الأولية بشرطه عن المعمر عبد العزيز بن حمزة المراكشي، وهو أول حديث سمعه منه بالحرم تجاه الكعبة المكرمة عن الحافظ مرتضى الزبيدي بشرطه بأسانيده، ومن أغربها وأعجبها سياقه له على هذه الصفة عن المذكور بشرطه عن الزبيدي وهو أول، قال حدثنا به الشيخ محمد بن محمد البليدي وهو أول الخ، قال حدثني به الشيخ سليمان الشبرخيتي وهو أول، قال حدثنا به الجزيري وهو أول، قال حدثنا به سلامة وهو أول، قال حدثني به الليثي وهو أول، قال حدثني به قاضي قضاة الجن شمهروش وهو أول حذيث سمعته منه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. ثم ساق أيضاً بالأولية الإضافية عن أحمد بن عمار الجزائري عن خليل التوني وهو أول، عن سالم النفراوي وهو أول، عن أحمد النفراوي وهو أول، عن الزرقاني شارح المواهب وهو أول، عن أبيه والبابلي والشبراملسي بأسانيدهم، ورواه التوني أيضاً عن عمر المنزلاوي وهو أول، عن الزرقاني وهو أول بأسانيده. وكان حج البصري المذكور ولقاؤه لمن ذكر من المشارقة سنة 1203 كما صرح بذلك لدى الحديث المسلسل بالضيافة
وساق الحديث المسلسل بقراءة الفاتحة هكذا: ” المسلسل بقراءة الفاتحة قرأتها على شيخنا الجزيري والأمير والبيلي ومرتضى والعروسي والجوهري والشبراوي وهم قرأوها على العدوي، وهو قرأها على عقيلة، وهو قرأها على أحمد النخلي، وهو قرأها على العلامة أبي مهدي عيسى الثعالبي، وهو قرأها على الشيخ عليّ الأجهوري. ح: قال: وقرأتها على شيخنا الجزيري المذكور، قال قرأتها على خالي، قال قرأتها على سيدي عبد الرحمن عمار، قال قرأتها على سيدي محمد المقري، قال قرأتها على سيدي عليّ الأجهوري، وهو قرأها على قاضي الجن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم شمهروش الجني، قال قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم. ح: وقرأتها على شيخنا مرتضى، وهو قرأها على عمر بن عقيل، وهو قرأها على عبد الله بن سالم البصري، وهو قرأها على البرهان مؤدب الأطفال شيخ الجان، وهو قرأها على القاضي شمهروش، قال قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم. ح: وقرأتها على العروسي، وهو على سيدي محمد بن الطيب المدني، وهو على سيدي محمد ابن عبد القادر الفاسي، وهوعلى عبد الله بن محمد الديري الدمياطي، وهو على الزعتري، وهو على شمهروش صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال إثر هذه الأسانيد: ” وفي هذا السند الرواية عن الجن وهي ضعيفة لكن يعمل بها في مثل هذا للتبرك بالقرب من سيد البشر، قال شيخنا مرتضى في ثبته
ومثله إن لم يكن معتبراً … لكنه يذكر حتى ينظرا
تبركاً بالسند الغريب … وليس في السياق بالمعيب.اهـ
وفيه (1/ 445 ) : وروى الحديث المسلسل بالفاتحة عن الأستاذ أبي زيد عبد الرحمن المنجرة من طريق شمهروش الجني.اهـ
وفيه (1/ 461) : وقد أخذت الفاتحة عن شيخنا أبي زيد عبد الرحمن المنجرة عن أبيه عن شيخه إسماعيل المكي عن الشبراملسي عن الحلبي صاحب السيرة عن شمهروش الجني الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذت الفاتحة أيضاً عن شمهروش المذكور من طريق الشيخ الرباني أبي العباس الشرادي بواسطة ولده الإمام العارف أبي عبد الله محمد، ووالده أبو العباس أخذه عن الشيخ الأستاذ الضرير المرسلي التامجروتي عن الشيخ سلطان المزاحي عن شمهروش الجني، قال: وأخذتها عن الشيخ العارف أبي العباس أحمد الحبيب بواسطة القاضي عبد القادر بوخريص التزمي الكاملي.اهـ
وقال الكتاني رضي الله عنه (1/462 ) : و أتصل بالفاتحة من طريق الشيخ أحمد الحبيب الصديقي السجلماسي من طريق الفقير المعمر أبي عبد الله محمد بن محمد الكيري لما ورد على فاس سنة 1319 عن شيخه الأستاذ أبي عبد الله محمد بن التهامي بن الطيب العثماني الغرفي بلدا المنسيفي دارا ومنشأ عن أبي عبد الله التهامي بن عمر النسب عن أبي الفداء إسماعيل اللمطي السجلماسي عن الشيخ أبي محمد صالح بن محمد الحبيب اللمطي عن أخيه الإمام العارف أبي العباس أحمد بن محمد الحبيب اللمطي الصديقي عن شمهروش الجني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفيه أيضا ( 1 – 497) : وكنت قرأت في مجموعة الشيخ ابن عبد الحي الداودي الشامي ببعلبك ما نصه : ( قرأتها – أي الفاتحة – على شيخنا محمد الكفيري الدمشقي، وهو على محمد رمضان المطيعي الحنفي قرأها على محمد الدلجموني الوفائي المالكي الفرضي قرأها على محمد بن أبي القاسم الجزري، قرأها على شمهروش، قرأها على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : وهذا السند ما ترى في غاية من القرب، وفيه من اللطائف أن رجاله محمدون، أجازني عامة
وفيه أيضا (2/ 674 و 675 ) : نتصل بالمذكور في القراءات عن شيخ القراء بتونس البرهان إبراهيم بن أحمد بن سليمان المارغني التونسي صاحب المؤلفات العدة في القراءات، وقد تدبجت معه بها، عن الشيخين الشمس محمد بن علي يالوشه وشيخه الأستاذ الكبير الشيخ محمد البشير التواتي عن الشيخ محمد بن الرائس التونسي عن الشيخ محمد المشاط التونسي عن الشيخ محمد الحركافي البصير الصفاقسي عن أبي الحسن النوري بسنده. وأجاز لي حديث المصافحة مراسلة من سلمان بلدة قرب تونس قاضيها العالم المعمر الشهاب أحمد ابن قاضيها الشيخ محمد بن محمد ماضور الأندلسي أصلاً السلماني بلداً الشاذلي طريقة، كما صافح والده الشيخ محمد ماضور، كما صافح جده الشيخ محمد ماضور، قال: صافحني شيخنا الشيخ علي بن خليفة المساكني، قال: صافحني النور علي النوري الصفاقسي، قال: صافحني شمهروش الجني بسنده. وذكر المترجم في فهرسته انه صافح الشيخ شرف الدين الأنصاري كما صافح والده وجده بسنده إلى جدهم الأكبر القاضي زكرياء الأنصاري
وفيه أيضا ( 2/ 704 ) : ومن أغرب ما في الثبت المذكور إسناد حديث ” من شكا ضرورته وجبت معونته ” عن شيخه الإمام سليمان الشبرخيتي عرف بالبعلي عن السيد محمد الثعالبي الجزائري عن الإمام سلامة بن شعيب عن الإمام محمد جاكي الليثي عن القاضي شمهروش عن النبي صلى الله عليه وسلم، فنرويه بأسانيدنا إلى الصباغ به فهو عشاري لنا من طريقه. وقد روى الحافظ مرتضى الحديث المذكور، في ” ألفية السند ” له عن الشمس محمد بن أحمد البليدي المالكي المصري عن الشبرخيتي المذكور، فكأنه رواه عن الصباغ مع أنه مات قبل دخول السيد مرتضى لمصر.وقد روينا الحديث المذكور عالياً باسناد مغربي عن قاضي سطات أبي عبد الله محمد بن القاضي بوشتي الكَداني ومحمد بن علي ابن قاسم المزميزي، كلاهما عن والد الأول عن صالح بن التهامي الشرقاوي عن محمد صالح البخاري عن علي بن إبراهيم عن المعمر محمد بن عبد الفتاح الجني عن شمهروش عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد حدثنا بالحديث المذكور عالياً الشيخ المعمر الصالح أبو عبد الله محمد بن المدني الشرقاوي بآنفي عام 1321 عن عمه صالح بن التهامي المذكور عن زوج أخته أبي حفص عمر ابن المكي الشرقاوي عن شمهروش عالياً، فهو على هذا لنا رباعي، وقد حصل للسيد مرتضى سداسياً فأفتخر به قائلاً في ” ألفية السند ” له في ترجمة شيخه البلدي
وخذ لإسنادِ حديثٍ عال … من طرقِ الجنّ بالاتصالِ
عن شيخنا الماضي الشهير الصيتِ … عن شيخه منسوبِ شبرخيتِ
أعني سليمانَ عن الجزيري … ذي الفضل والتحقيق والتحرير
عن شيخه سلامةَ الإمامِ … وذا عن الليثيّ بالإعلامِ
عن شيخه شمهروش الولي … قاضي قضاة الجن ذي الرقي
عن النبيّ من شكا ضرورته … ذا أولُ الحديث فانقلْ صورتَهْ
وفيه أيضا ( 2 / 848 ) عند ترجمة الشيخ ابن عبد السلام الفاسي قال : هو خاتمة المنفردين بتحقيق توجيه أحكام القراءات بالمغرب، العالم النحوي التصريفي الجليل أبو عبد الله محمد ابن عبد السلام بن محمد بن العربي بن يوسف بن عبد السلام الفاسي لقباً وداراً المتوفى بفاس سنة 1214 عن نحو 85 سنة، وهو آخر أعلام الشجرة الفاسية، وكتابه ” المحادي في علم القراءات ” أوسع ما كتبه من تأخر في هذا العلم، وهو عندي بخط مؤلفه، وعندي منه نسخة أخرى بخط تلميذه أبي عبد الله السنوسي قرأ بها عليه. وله: طبقات المقرئين وفهرسة أشياخه المعتبرين نثرية، وأخرى منظومة، وتأليف في إثبات صحبة شمهروش الجني، وهو عندي بخطه في أربع ورقات
وفيه أيضا ( 2/ 849 و850 ) : وفي فهرسة ابن عبد السلام الفاسي المنظومة قال
أخذتُ عن سيدنا الأمامِ … العالِم الدّراكَةِ الهمامِ
شيخ الجماعة بقطرِ فاس … الحسنيَّ عاطرِ الأنفاسِ
الحافظُ النحرير ذو الإتقان … الألمعيُّ عابد الرحمان
عن الرضا والده أبي العلا … ثم عن أبي الفدا شيخ الملا
فالشبراملسي عليّ ثمّ عن … الحلبيّ صاحبِ الهدْي الحسنْ
عن شمهروش صاحب الرسول … عنه عن الأمين جبرئيل
يعمهم ربهم أزكى سلامْ … مع صلاةٍ مستمرةِ الدوامْ
وفيه أيضا ( 2/ 871) : عقود الأسانيد : لأبي عبد الله محمد أمين السفرجلاني الدمشقي إمام ومدرس جامع السنجقدار، هو ثبت منظوم طبع بالشام سنة 1319، روى فيه مؤلفه حديث الأولية عن علي الحلواني الرفاعي عن محمد بن مصطفى الرحمتي عن أبيه عن العارف النابلسي عن شمهروش الجني عن النبي صلى الله عليه وسلم
وفيه أيضا ( 2/878 و 879) وهو يتحدث عن عمدة الإثبات في الاتصال بالفهارس والإثبات ما نصه : ثم ساق إسناده العالي في القراءات من طريق الجن عن شيخه علي بن الحفاف الجزائري ثم إسناد المسلسل بالفاتحة، ثم المسلسل بأني أحبك فقل، ثم المسلسل بالمحمدين، ثم إسناد الصحيح مسلسلا بالمالكية وسند الفقه المالكي من طريق آله مسلسلا بالعزوزيين، ثم المسلسل بالاشراف، ثم السند العالي للصحيح من طريق المعمرين، ثم إسناده أيضا بالطريق الكشفي، ثم السند الأعلى من طريق شمهروش
وفيه أيضا ( 2 / 943 ) : ففي ” نشر المثاني ” لدى ترجمة أبي عبد الله محمد المرابط بن محمد ابن أبي بكر الدلائي نقلا عن ولده الحافظ أبي عبد الله محمد فيما كتبه على ” مطلع الإشراق ” لجد صاحب النشر: ” ولله در والدي عبدكم المقيم على عهدكم لما حل بالحرم الشريف لقيه شيخ الإسلام أبو مهدي عيسى الثعالبي، فأخبره وأنا شاهد بالفيقهتين الجليلتين الحسينيتين السيدة مباركة والسيدة زين الشرف بني الشيخ العلامة المتفنن عبد القادر الطبري، فأجازتا له جميع ما يجوز لهما روايته، فمن ذلك الحديث المسلسل بالأولية كما هو مرسوم الآن عنده، وسورة الفاتحة عن الشيخ الخطيب المعمر عبد الواحد الحصاري المصري، ورفعنا له السند إلى قاضي الجن شمهروش قال : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان السماع والإجازة من الشيختين للوالد يوم الاثنين 20 ذي الحجة عام 1079، وكتبت قريش عن إذن أختيها مباركة وزين الشرف ومن خطها نقلت، فما رأيت والدي سر بإجازة عالم قط ما سر بإجازة هاتين الشيختين، قال: ” لا أدري بأيهما أفرح بالإجازة الشريفة أم بوجود هاتين الفقهيتين الشريفتين، الكائنتين أهلا للأخذ عنهما، لا سيما وهما من سلالة سلسلة الذهب، لأن وجود سلالة هذه السلسلة الذهبية على هذه الصورة أشهى للنفس من الماء البارد ” اه. باختصار
وفيه أيضا ( 2/ 977 ) وهو يتحدث عن كتاب ” القول السديد في متصل الأسانيد” للعلامة المحدث المسند الشهاب أحمد بن عليّ المنيني المولد الدمشقي المنشأ الحنفي المذهب : وفيه ذكر ان والده أخذ عن قاضي الجن عبد الرحمن الملقب بشمهروش الجني لما اجتمع به عام 1073 وصافحه وآخاه وأمره بقراءة شيء من القرآن، فلما أتمه قال: هكذا قرأه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأبطح ومكة، قال المترجم : وبهذا السند يكون بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وسائط عن اخيه عبد الرحمن عن أبيه عليّ عن شمهروش، قال: ويصح أن يعد الوالد من التابعين لاجتماعه بصحابي من الجن
وفيه أيضا ( 2/ 982 ) وهو يتحدث عن السلطان الجليل أبو الربيع سليمان بن السلطان أبي عبد الله محمد بن عبد الله العلوي سلطان المغرب الأقصى المتوفى 13 ربيع الول عام 1238 بمراكش وبها دفن : فهو يروي ” دلائل الخيرات ” عن الشيخ التاودي من طريق شمهروش، ونظم سنده فيه الزياني نظماً ساقطاً مكسوراً على عادته في انظامه فقال
سليمان سنده في ذل الدليل … عن شيخه التاودي الحبر الجليل
عن شيخه الهلالي ذاك ابن عبد العزيز … عن شيخه التلمساني القطب المجيز
عن شمهروش عن رسول الله … فاعرف به ولا تكن بساه
فهذه نتقبة لدى الإمام … نجل الرسول المصطفى خير الأنام
وفيه أيضا ( 2/ 1144) : وممن تدبج معه في مصر الشهاب أحمد بن عبد الرحيم الطهطائي الشافعي الأزهري، وروى عن المترجم ( يعني يوسف بن بدر الدين المدني ) أحاديث ثلاثة من طريق شمهروش الجني، قال الطهطاوي المذكور: وليس بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث ثقات راجحة كقوله عليه السلام إن الله لا يطعمكم ناراً. وقوله ابردوا بالطعام فإن الحار لا بركة فيه
وفيه أيضا ( 2/ 1154 ) : الشيخ سيدي عبد الله ابن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يبورك بن الحسين الهشتوكي الأسغركيسي من الآخذين عن الشيخ أبي العباس ابن ناصر وأصحابه، ونقل عنه أنه دخل على شيخه ابن ناصر وعنده خليفته الحسين بن شرحبيل ورجل آخر لم يعرفه حاد البصر ساكت لا يتكلم، فلما خرج من عنده قال له السيد الحسين المذكور: هل تدري من الرجل الذي لا يتكلم عند الشيخ قال: لا، قال: هو رئيس الجان المسمى بشمهروش يقرأ عليه الشيخ، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم. وترجم فيه أيضاً للعلامة الزكي الصالح محمد الجلالي بن أحمد ابن المختار السباعي تلميذ الحضيكي، لقبه بمراكش، وذكر أنه قيل استظهر القاموس حفظاً، وترجم فيه أيضاً لأبي المحاسن يوسف بن محمد الناصري قال: كانا أي المذكور والحضيكي كفرسي رهان في الولاية والصلاح وإن كان الحضيكي زاد على الناصري بالحفظ فالناصري زاد عليه بالحسب. وترجم أيضاً للعابد الناسك أحمد بن سعيد الواغزاني المعمر فوق المائة قال: لقي أبا العباس ابن ناصر وتلميذه الشرحبيلي وغيرهما، وذكر انه التقى مع شمهروش عند شيخه ابن ناصر رآه عنده ساكتاً لا يتكلم، و شيخه ابن ناصر كان يقرأ عليه
ولقد ذكره أيضا العلامة الفقيه الوجيه سيدي محمد المختار السوسي رحمه الله تعالى في كتابه الحافل ” المعسول حيث قال
في (ج 9 /ص 278) عند ترجمة الشيخ الفقيه النزيه أبو الحسن علي بن سعيد رضي الله عنه ما نصه : أخبرنا الشيخ الإمام العلامة المحدث شيخنا سيدي محمد بن أحمد الحضيكي، قال أخبرنا أبو العباس الصوابي عن أبي العباس الناصري عن خطيب الحرمين الشيخ إسماعيل إجازة عن العارف بالله الشيخ علي الشمولي عن الحلبي صاحب السيرة عن القاضي شمهروش عن النبي صلى الله عليه وسلم
و فيه أيضا ( ج 13 / ص 100/101 ) : ومن رحلة شيخ أشياخ شيوخنا أبي العباس سيدي أحمد بن محمد بن ناصر رضي الله عنهما ما نصه : وممن التقينا معه بالمدينة خطيب الحرم إسماعيل قرأت عليه حديث إنما الأعمال بالنيات فأجازني ونص إجازته
أحمد الله سبحانه ونسأله أن يصلي ويسلم على نبيه و أشرف خلقه مولانا محمد و آله وصحبه و أتباعه و أحبابه أخذت قراءة القرآن و الحديث عن العارف بالله تعالى الشيخ الشمولي عن الشيخ الحلبي صاحب السيرة عن القاضي شمهروش عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجزت الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ سيدي أحمد بن محمد بن ناصر أن يروي بهذا السند الشريف العالي المنيف وحبيب رب العالمين ككتاب البخاري وغيره من الكتب وقد قرأ علي حديث : إنما الأعمال بالنيات، نفع الله تعالى به المسلمين وجعلني و إياه في بركة سيد المرسلين آمين
وفيه أيضا (ج 13 /ص104 ) : هذا ما تيسر في الحال مع شغل البال، ولنا من الأسانيد ما نتصل به من كبار شيوخ سوس بغير من تقدم، ولم يتيسر سوقه الآن، و أما ما جرت العادة سوقه من المسلسلات، كالحديث المسلسل بالأولية وغيره، فلم يتفق لنا أخذ شيء من ذلك على الخصوص إلا المصافحة، فقد صافحنا الشيخ الوالد بسند يتصل بغيره، لم استحضره الآن، وقد قال العلامة أبو الحسن علي الدمناتي في فهرسته، بعد سوق سند له بقراءة الفاتحة بمد مالك من طريق شمهروش الجني رضي الله عنه ما نصه
( و أرويه بأعلى سند في الدنيا بالإجازة العامة عني أبي العباس السوسي القدوة شيخنا الشيخ أحمد التيمكيدشتي عن الأوجي عن الحضيكي عن الصوابي عن أبي العباس بن ناصر عن شمهروش فهذه ست وسائط، و أخبرني من أثق به : أنه حضر بفاس يوما نادى فيه الشيخ التاودي محشي البخاري، أنه مات الشيخ شمهروش بهذا اليوم، فاخرجوا لنصلي عليه فخرجوا لمكان هناك فتقدم إماما، فصلوا من غير أن يروا غيره شيئا، وكان مخبري أحد من صلى معهم بلا رؤية شيء
وجاء أيضا في كتاب ” العجالة فِي الْأَحَادِيث المسلسلة ” للشيخ علم الدين أبو الفيض محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (المتوفى: 1411هـ)،الناشر: دار البصائر – دمشق، الطبعة: الثانية، 1985(ص 119/120)
المسلسل بقراءة الفاتحة
قرأت الفاتحة على الشيخ عمر بن حمدان المحرسي قال قرأتها على السيد علي بن ظاهر الوتري قال قرأتها على عبد الغني الدهلوي قال قرأتها على محمد عابد السندي قال قرأتها على السيد أبي القاسم سليمان الهجام قال قرأتها على الصفي السيد أحمد بن محمد شريف مقبول الأهدل قال قرأتها على أحمد بن محمد النخلي قال قرأتها على عيسى بن محمد الثعالبي الحعفري قال قرأتها على أبي الإرشاد علي بن محمد الأجهوري قال قرأتها على نور الدين علي بن أبي بكر القرافي قال قرأتها على قاضي القضاة شمس الدين محمد بن إبراهيم قال قرأتها على برهان الدين إبراهيم بن محمد اللقاني قال قرأتها على علم الدين سليمان مؤدب الجن قال قرأتها على شمهورش قاضي الجن قال : قرأتها على من أنزلت عليه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم
بهذا السند إلى محمد عابد السندي عن حسين عن محمد بن الطيب قال وسمعتها عن الوالد وهو أبو عبد الله الطيب محمد بن محمد بن موسى بن محمد الشرقي ثم الفاسي عن الإمام العارف بالله سيدي أحمد بن ناصر عن عبد المؤمن الجني البدري الصحابي من النبي صلى الله عليه و سلم بقراءة ورش مقصورة مالك
( ح ) قال ابن الطيب وأرويها عن شيخنا أحمد بن ناصر المذكور في عموم إجازته انتهى
وجاء أيضا في كتاب “سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر” للشيخ محمد خليل بن علي بن محمد بن محمد مراد الحسيني، أبو الفضل (المتوفى: 1206هـ)الناشر: دار البشائر الإسلامية، دار ابن حزم، الطبعة: الثالثة، 1408 هـ – 1988م عدد الأجزاء: 4 في (ج1/ص134 ) عند ترجمة الشيخ العالم العلامة الفهامة المحدث أحمد بن علي الطرابلسي الأصل المنيني المولد الدمشقي المنشأ قال
وله – أي لأحمد المنيني – رواية في الحديث عن والده عن قاضي الجن عبد الرحمن الصحأبي الجليل الملقب بشمهورش فانه اجتمع به والده في حدود سنة ثلاث وسبعين وألف وصافحه وآخاه وأمره بقراءة شيء من القرآن فقرأه وهو يسمع فلما أتم قراءته قال له هكذا قرأه علينا النبي صلى الله عليه وسلم بين الأبطح ومكة وتكرر اجتماعه به بعد ذلك وقد توفي شمهورش المذكور في سنة تسع وعشرين ومائة وألف وأخبر بوفاته الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي ووافق تاريخ وفاته فقد الجني شمهورش رحمه الله تعالى رحمة واسعة
وجاء في كتاب ” البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ” للشيخ الإمام محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ) ، دار المعرفة – بيروت، عدد الأجزاء: 2 (1/407)
السيد عبد الوهاب بن محمد شاكر بن عبد الوهاب بن حسين ابن العباس بن جعفر الحسنى من قبل الحسينى من قبل الأب الموصلى مولدا وبلدا ومنشأ ولد شهر جمادى الاولى سنة 1184 أربع وثمانين ومائة وألف وقدم علينا الى صنعاء فى سنة 1234 وكثر اتصاله بى وهو جامع بين علم الاديان والابدان جيد الفهم فصيح اللسان حسن العبارة حسن الاشارة قد عرف كثيرا من البلاد كمصر والشام والعراق ( والحرمين ودخل الى الروم دفعات واتصل بعلماء البلاد وأعيانها وملوكها وأخبرنا عن هذه البلاد وأهلها باحسن الاخبار مع صدق لهجة وتحر للصدق وكتب الي من شعره بنظم فائق رائق ومن جملة ماخبرنا به من خبر عجيب ونبأ غريب وهو أنه وجد فى جبل قيسون من جبال الشام رجل من الجن يقال له : قاضى الجن واسمه شمهورش وأنه أدرك الامام محمد بن اسماعيل البخارى وأخذ عنه فاخبرنا صاحب الترجمة قال أخبرنا السيد اسماعيل بن عبد الله الايدين جكلى نسبة الى قرية بالروم قال أخبرنا أحمد بن محمد المنينى نزيل دمشق الشام قال أخبرنا عبد الغنى بن اسماعيل النابلسي عن القاضي شمهورش قاضي الجن بصحيح البخارى عن البخارى
وجاء في كتاب ” حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر” للشيخ عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي (المتوفى: 1335هـ)حققه ونسقه وعلق عليه حفيده: محمد بهجة البيطار – من أعضاء مجمع اللغة العربية، عن دار صادر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1413 هـ – 1993 م (ص1607) عند ترجمة الشيخ يوسف بن بدر الدين المغربي بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الغني المراكشي السبتي المالكي المصري مولداً الدمشقي إقامة
وللمترجم قصائد شهيرة ومقاطيع كثيرة، وتأليفات بديعة، وكتابات رفيعة، وأسانيد عالية، وأساتذة ذوو رتبة سامية. وقد أجازني بجميع ما تجوز له روايته عن مشايخه العظام، وقادته الكرام، وقد انتفعت بفوائده، وارتضعت من ثدي عوائده، وأجازني أيضاً بسند عال، ينتهي فيه إلى القاضي شمهورش عن النبي صلى الله عليه وسلم
وجاء في المعسول ص 102 ج 13 ما نصه
( الحمد لله حدثني شيخي الفقيه السيد التونسي بن بية الدكالي العوني نسبة للعونات، بلد معروف بدكالة، رضي الله عنه ونفعنا به و بأمثاله بواسطة أحد عن سيدي محمد بن عبد الرحمن الفاسي رضي الله عنه عن السيد شمهروش الجني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلـم – أن هذه الصلاة سبع مرات فدية، ولفظها : اللهم صل على سيدنا محمد النبي الكامل وعلى آله و أصحابه صلاة كاملة لا نهاية لها كما لا نهاية لكمالك وعد كماله
وقد توفي شمهروش –رضي الله عنه – كما مر معنا عام تسع وعشرين ومائة وألف (1129 هـ) وأخبر بوفاته الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي، والشيخ التاودي الفاسي محشي البخاري، وصلى عليه أهل فاس، بإمامة التاودي، ووافق تاريخ وفاته فقد الجني شمهروش، ولكن خلفه ابنه أبو الوليد عبد الله شمهروش، وهو الآن يسكن بكهف معروف في المغرب، وهو مسلم أيضا، ولذلك نقول : إنه لا يلزم من وجود المنكرات و المحظورات و المحرمات، كالسحر و الدجل و غير ذلك من الأمور المستقبحات، في مقامات و اضرحة الصالحين و الصالحات، لا يلزم من وجود ذلك تحريم زيارتها، أو ترك زيارتها لما فيها من المنفعة و الاعتبار، ومن استطاع أن يغير منكرا رآه هنالك، بلسانه إن كان عالما أو بقلبه إن كان غير ذلك فليفعل، ولا عبرة في من منع أشياء دعت إليها الشريعة كزيارة القبور بحجة ما يقع فيها من المخالفات، لأن الأصل هو الزيارة الشرعية لعل الله يحرك همة من يقتدي بك، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
وفي الختام نقول : إما أن تكون صوفيا خالصا أو غير ذلك، فلا تلبس لباس التصوف ولسانك أعجمي عنه، تهدم أصوله و تنكر فروعه، وانت مختبئ وراء السماع و الرقص، ألا تعلم أن الإنكار بريد الحرمان، وسبب الطرد و الخذلان، فما لك تقبل أشياء وترد أخرى بمجرد الهوى وسوء الظن، فحسبك من الجهل رد كل ما لا تعلم ، ولله در الإمام السبكي رحمه الله وهو يرد على الإمام الذهبي رحمه الله في حكمه على كتاب الإمام الرازي رحمه الله ” قلتُ: وقد عرّفناك أن هذا الكتاب مختلق عليه، وبتقدير صحّة نسبته إليه ليس بسحر! فليتأمّله من يُحسن السحر”…والله أعز و أعلم