أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم
اللهـــم صل على سيدنــــا محمد و على آل سيدنـــا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
ما كان سيدنا جبريل عليه السلام ينزل إلا للوحي فمرة نزل اشتياقا في رسول الله يريد ان يجلس جلسة مع رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم “كم عمرك يا أخي يا جبريل” قال لا أدري و لكن هناك نجم يظهر كل سبعين ألف سنة و قد رأيته اثنان و سبعون ألف مرة ” قال صلى الله عليه و سلم ” و عزة الله و جلاله أنا ذلك النجم يا اخي جبريل
هو صلى الله عليه و سلم أول الأنبياء، قال سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم “كنت و آدم بين الماء و الروح” و قال في حديث آخر ” كنت و آدم بين الروح و الجسد” و هو آخر الأنبياء. قال صلى الله عليه و سلم : لا نبي بعدي
و عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إني عند الله لخاتم النبيئين و إن آدم لمجندل في طينته أي طريح ملقى قبل نفخ الروح فيه. و عن سهيل بن صالح الهمذاني قال سألت أبا جعفر محمد بن علي كيف صار محمد صلى الله عليه و سلم يتقدم الأنبياء و هو آخر من بعث قال إن الله تعالى لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم و أشهدهم على أنفسهم “ألست بربكم “ قالوا كان محمد صلى الله عليه و سلم أول من قال بلى و لذلك صار يتقدم الأنبياء و هو آخر من بعث
و عن تقي الدين السبكي أنه قد جاء ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد فالإشارة بقوله صلى الله عليه و سلم كنت نبيا إلى روحه الشريفة أو إلى حقيقته و الحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها و إنما يعلمها خالقها و من أمده الله بنور إلهي فحقيقة النبي صلى الله عليه و سلم قد آتاها الله و صف النبوة من قبل خلق آدم إذ خلقها متهيئة لذلك و أفاضه عليها من ذلك الوقت صار نبيا و كتب اسمه على العرش و أخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته و غيرهم كرامته عنده فحقيقته موجودة من ذلك الوقت و إن تأخر جسده الشريف المتصف بها
قال صلى الله عليه و سلم:”أنا مدينة العلم و علي بابها” و قال :” أوتيت جوامع الكلم” بهذه الاعتبارات فهو المستمد منه يمد المخلوقات كلها بأنواره و أسراره و علومه و لله در البوصيري قال
كل آي آت الرسل الكرام بها إنمــــا اتصلت من نــــــوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم
سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم رحمة للعالمين، رحمته وسعت كل شيء، دينه رحمة، و هو رحمة قال تعالى:” و ما أرسلنك إلا رحمة للعالمين” رحمة حتى على الكافرين لما ذهب إلى الطائف ضربوه رموه بالحجارة أدموا رجليه فطلبت منه الجبال يطبقن عليهم فقال دعوهم عسى أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله، هو رحمة للطيور رحمة للحيوانات قصة الجمل الذي اشتكى صاحبه الذي كان يثقل عليه و ينقص له في الأكل و قصة الغزالة كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتفقد الأحوال فإذا به يجد غزالة مشدودة إلى شجرة و الأعرابي الذي اصطادها نائم تحت الشمس فاشتكت لرسول الله صلى الله عليه و سلم إن لي خرفشين أطلقني أذهب أرضعهما ثم ارجع قال أو راجعة أنت قالت نعم فأطلقها فذهبت ثم رجعت و جلس رسول الله صلى الله عليه ينتظر حتى استيقظ الأعرابي من نومه فقال لبيك يا رسول الله فأمره بإطلاقها فذهبت الغزالة و هي تنط و تضرب رجليها مع الأرض و هي تقول أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله. و رحمته حتى مع الجماد حنين الجدع و هي أن مسجد النبي صلى الله عليه و سلم كان مسقوفا على جذوع نخل فكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فصنع له المنبر ثلاث درجات ليسمع الناس خطبته لما كثروا فلما قعد صلى الله عليه و سلم خار الجدع كخوار الثور حزنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى ارتج المسجد لجواره فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم من المنبر فالتزمه و هو يخور فلما التزمه سكت ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذي نفس محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا حتى تقوم الساعة حزنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر به صلـى الله عليـــه و سلـم فـــدفن
و قد ذكر العلماء علاقات عدة مع رسول الله منها علاقة الإنتماء، الإنتماء للإسلام، الإنتماء لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن كل من كان في الكفر فأراد الإنتماء الإسلام عليه بالشهادتين
علاقة وفاء
علاقة اقتداء
علاقة محبة
هو صلى الله عليه وعلى آله الأخيـــار و أصحـــــابه الطيبين الطـــــــاهرين إلى يـــــوم الـدين
أشهد أن لا إلاه إلا الله، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله و حبيبه و خليله و أمينه و دليله، الذي خصه بالآيات الباهرة و المعجزات الظاهرة، و شفعه في من صلى عليه و الدار الآخرة. و قال في حقه إجلالا و تكريما:”إن الله و ملائكته يصلون على النبيء يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما”. توجه بتاج الجمال، و ألبسه لباس الكمال، و زينه بأشرف الخصال فإن سألت عن فراقه كان مصباحا منيرا و إن سألت عن فضله كان غزيرا، و إن سألت عن شعره كان ليلا بهيما و إن سألت عن طرفه كان أدعج فخيما و إن سألت عن حاجبه كان نونا، و إن سألت عن أنفه كان ألفا، و إن سألت عن فمه كان ميما، و إن سألت عن وجهه كان بدرا أتم بالحسن تتميما، و إن سألت عن صدره كان سليما، و إن سألت عن قلبه كان رحيما، و إن سألت عن خلقه كان عظيما، و إن سألت عن ظهره فختم بخاتم النبوة تختيما، و إن سألت عن كفه فكم أغنى عديما، و إن سألت عن قدمه فكم تقدم للطاعة تقديما، و إن سألت عن أصله كان شريفا كريما، اللهم صل و سلم عليه و على آله و أصحابه و أزواجه و سلم تسليما. و عن علي رضي الله عنه قلت يا رسول الله مم خلقت؟ قال: لما أوحى إلي ربي ما أوحى، قلت: يا ربي مم خلقتني؟ قال تعالى: و عزتي و جلالي لولاك ما خلقت أرضي و لا سمائي، قلت يا ربي مم خلقتني؟ قال تعالى: و عزتي و جلالي لولاك ما خلقت جنتي و لا ناري، قلت يا ربي مم خلقتني؟ قال: يا محمد نظرت إلى صفاء بياض نوري الذي خلقته بقدرتي و أبدعته بحكمتي و أضفته تشريفا إلى عظمتي فاستخرجت منه جزءا فقسمته ثلاثة أقسام، فخلقتك و أهل بيتك من القسم الأول، و خلقت أصحابك و أزواجك من القسم الثاني، و خلقت من أحبك من القسم الثالث، فإذا كان يوم القيامة رددت النور إلى نوري و أدخلتك و أهل بيتك و أصحابك و من أحبك جنتي برحمتي فأخبرهم بذلك عني. و قال بن عباس رضي الله عنهما: إنما أراد الله خلق المخلوقات و خفض الأرض و رفع السماوات فقبض قبضة من نوره ثم قال لها كوني حبيبي محمدا، فطاف ذلك النور بالعرش قبل خلق آدم بخمسمائة عام و هو يقول الحمد لله، فقال الله تعالى: لأجل ذلك سميتك محمدا، ثم خلق نور آدم من نور محمد (ص)، و خلق جسد محمد (ص) من طينة آدم عليه السلام ثم أسكن نور محمد (ص) في ظهرآدم عليه السلام فصارت الملائكة تقف خلفه صفوفا ينظرون إلى ذلك النور ثم قال آدم: يا رب ما لهؤلاء يقفون خلفي؟ قال الله تعالى: ينظرون إلى نور محمد (ص) قال يارب: اجعله في جبهتي ، فنقل الله تعالى ذلك النور إلى جبهة آدم فصارت الملآئكة تقف أمامه؛ ثم قال يارب: اجعله في موضع أراه، فجعله في أصبعه المسبحة، فرفعها آدم عليه السلام فقال أشهد أن لا إلاه إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله فهذا أصل التشهد و لهذا سميت المسبحة لأنه يشار بها إلى وحدانية الله تعالى، و لأن عرقها متصل بالقلب، ثم قال يا رب هل بقي من هذا النور شيء قال نور أصحابه قال يا رب اجعله في بقية أصابعي، فجعل الله نور أبي بكر في الوسطى، و نور عمر في البنصر، و نور عثمان في الخنصر، و نور علي في الإبهام رضي الله عنهم أجمعين و كانت آمنة في حجر عمها وهيب ، فمشى إليه عبد المطلب بابنه عبد الله فزوجه بها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يبق تلك الليلة دابة لقريش إلا نطقت و قد حمل بمحمد و رب الكعبة. فهو أمان الدنيا و سراج أهلها، و صاح إبليس لعنه الله على جبل أبي قبيس. فاجتمعت إليه الشياطين فقالوا ما الذي أصابك؟ فقال: قد استقر محمد في بطن أمه يبعثه الله بالسيف القاطع فيغير الأديان و يكسر الأوثان. عن سهل (ض). لما أراد الله خلق محمد في بطن أمه أمر رضوان بواب الجنة أن يفتح في تلك الليلة أبواب الفردوس، و أمر مناديا ينادي في السماوات و الأراضين ألا إن النور المكنون المخزون في هذه الليلة، قد استقر في بطن أمه. و قال حسان بن ثابث (ض): كنت غلاما و أنا بن سبع سنين و إذا يهودي ينادي بالمدينة يا معشر اليهود قد طلع الليلة نجم محمد (ص). و لقد أحسن القائل الللبيب في مدح الحبيب
نسيم الصبا أهلا و سهلا و مرحبا قدمت فأقدمت السرور إلى الربا
و جددت في كل القلوب مسرة و نشرك أضحى في الوجوه مطيبا
متى نظر الأعلام بالسعد قد بدت و يصبح قلبي في حماه مقربا
فقد زمزم الحادي بذكر محمد نبي كريم للشفاعة مجتبى
قالت آمنة ما شعرت أني حملت بولدي محمد (ص) لأني ما وجدت له وحما و لا ثققلا كما تجد الحوامل، و لكنني أنكرت انقطاع حيظتي، و لقد رأيت و أنا حامل به نورا أضاء له المشرق و المغرب حتى رأيت قصور بصرى من أرض الشام ففي الشهر الأول رأيت رجلا طويلا فقال أبشري فقد حملت بسيد الأولين و الآخرين فقلت من أنت؟ فقال : أبوه آدم و في الشهر الثاني قال: أبشري فقد حملت بسيد المرسلين. فقلت له من أنت؟ فقال شيث. و في الشهر الثالث قال أبشري فقد حملت بالنبي الكريم، فقلت له من أنت؟ قال نوح. و في الشهر الرابع أبشري فقد حملت بالسيد الشريف و النبي العفيف فقلت له من أنت ؟ قال: إدريس. و في الشهر الخامس، أبشري فقد حملت بسيد البشير، فقلت له من أنت؟ قال هود. و في الشهر السادس قال: أبشري فقد حملت بالنبي الهاشمي، فقلت من أنت؟ قال إبراهيم و في الشهر السابع أبشري فقد حملت بحبيب رب العالمين، فقلت له من أنت؟ قال: إسماعيل. و فيه انشق إيوان كسرى و سقط منه أربعة عشرة شرافة ، و قيل: إنه إلى الآن ببغداد و في الشهر الثامن قال: أبشري فقد حملت بخاتم النبيئين، فقلت له: من أنت؟ قال: موسى. و فيه خمدت نيران فارس و في الشهر التاسع قال: أبشري فقد حملت بمحمد، فقلت من أنت؟ قال: عيسى صلوات الله عليه و سلامه عليهم أجمعين. و فيه سقط التاج عن رأس كسرى، و قيل: في الرابع مات أبوه عبد الله و دفن بالمدينة المشرفة و هو ابن خمس و عشرين سنة، و خلف خمسة أبعرة و قطيعا من الغنم و جارية وهي أم أيمن و اسمها بركة (ض) . فحظنت النبي (ص) فلما مات عبد الله، قالت الملآئكة ربنا بقي نبيك (ص) يتيما، فقال الله تعالى: أنا وليه و حافظه و ناصره. و قالت آمنة (ض): فلما كانت ليلة و لادته و هي ليلة الإثنين مع طلوع الفجر وقيل ليلة الجمعة رأيت جماعة قد نزلوا من السماء و معهم ثلاثة أعلام بيض فركزوا علما على ظهر الكعبة و علما على سطح داري؛ و علما على بيت المقدس و دنت مني النجوم، حتى أني أقول ليقعن علي، و امتلأت الدنيا نورا، و فتحت أبواب السماء، ثم عكفت على منزلي طيور كثيرة مناقرها من الزبرجد، و أجنحتها من الياقوت؛ و رأيت الديباج قد بسط بين السماء و الأرض، و رأيت رجالا في الهواء بأيديهم أباريق الفضة بسلاسل الذهب و كنت عطشانة فشربت من أحدها، فبينما أنا أفكر في أمري و قد ضاق من الوحدة صدري إذ دخل علي جماعة من النساء لم أر أحسن منهن و معهن آسية إمرأة فرعون و كانت هي القابلة لكن قال: في الشفاء عن الشفاء أم عبد الرحمان بن عوف رضي الله عنهما قالت: لما سقط محمد (ص) من بطن أمه على يدي، و استهل سمعت قائلا يقول: رحمك الله و أضاء لي بين المغرب و المشرق، ثم اشتد بي الطلق فرأيت طيرا عظيم الجثة حسن الهيأة فمسح بجناحيه على بطني فوضعت ولدي محمدا (ص) مستقيما أي خرج بقدمه الكريمة و لم يخرج منكوسا إشارة إلى أنه (ص)، لم يزل قائما في حدود الله، ثم تكلم بكلام فصيح، و قال الله أكبر، الله أكبر؛ الحمد لله رب العالمين، و أنشد بعضهم
ولـــد الحبيب و خده متـــورد و النور من وجنته يتوقــد ولد المتوج بالكرامة واليها
الطاهر الشيم الكــــريم السيد جبريل وافى عند ذلك أمه في زي طير و الملآئكة تشهد
بجناحه ما زال يمسح بطنهـا فبدا النبي الهاشمي أحمد قالت ملائكة السماء بأسرها
ولد الحبــيب و مثله لا يـــولد يا عشقين تولهوا في حسنه هذا هو الحسن الجليل المفرد .
و قال ابن إسحاق : ولد رسول الله (ص) يوم الإثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل. رواية قيس بن مغرمة. قال ابن إسحاق: حدثني المطلب عبد الله بن قيس بن مخرم عن أبيه عن جده. قال: ولدت أنا و رسول الله (ص) عام الفيل فنحن لدان , فرح جده به (ص) و التماسه له المراضع فقالوا : أن عبد المطلب أخده فدخل به الكعبة فقام يدعو الله و يشكو له ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها، و التمس لرسول الله الرضعاء، قال بن هشام: المراضع في كتاب الله عز وجل في قصة موسى:”و حرمنا عليه المراضع
نسب حليمة، و نسب أبيها؛ قال ابن إسحاق فاسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة ابنة ذؤيب. و أبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حصفة بن قيس بن غلان. و عوده عبد المطلب بشعر منه
الحمد لله الذي أعطانـــــــــــي هـــذا الغلام الطيب الأردان
قد ساد في المهد على الغلمان أعيــذه بالبيت ذي الأركان
نسب أبيه في الرضاع , و إسم أبيه الذي أرضعه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن. إخوانه (ص) من الرضاع: قال بن إسحاق: و إخوانه من الرضاعة: عبد الله بن الحارث و أنيسة بنت الحارث و حدافة بنت الحارث و هي الشيماء، غلب على ذلك على إسمها فلا تعرف في قومها إلا به، وهم لحليمة بنت أبي ذؤيب، و يذكرون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها إذا كان عندهم. حديث حليمة عما رأته من الخير بعد تسلمها له (ص): قال ابن إسحاق: و حدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحي، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. أو عمن حدثه عنه قال: كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله (ص) التي أرضعته تحدث: أنها خرجت من بلدها مع زوجها، و بن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء، قالت: و ذلك في سنة شهباء ، لم تبق لنا شيئا، قالت: فخرجت على أتان لي قمراء، معنا شارف لنا، و الله ما تبض بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، و ما في شارفنا ما يغذيه – قال بن هشام: و يقال: يغذيه – و لكنا كنا نرجو الغيث و الفرج على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا و عجفا حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله (ص) فتأباه، إذا قيل لهل إنه يتيم، و طلك أنا و أبوه إنما كنا نرجو المعروف من أب الصبي، فكنا نقول: يتيم؛ و ما عسى أن تصنع أمه و جده؛ فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري، فلما أجمعنا الإنطلاق قلت لصاحبي: و الله إني لأكره لأرجع من بين صواحبي و لم أخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلأخذنه؛ قال: لا عليك أن تفعلي على أخذه إلا أني لم أجد غيره. قالت: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل على ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، و شرب معه أخوه حتى روي، ثم نام، و ما كنا ننام معه قبل ذلك، و قام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل، فحلب منها ما شرب، و شربت معه حتى انتهينا ريا و شبعا، فبتنا بخير ليلة. قالت: يقول صحبي حين أصبحنا: تعلمي و الله يا حليمة، لقد أخذت نسمة مباركة؛ قالت: فقلت: و الله إني لأرجو ذلك. قالت: ثم خرجنا و ركبت أنا أتاني، و حملته عليها معي، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيئا من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا ابنة أبي ذؤيب؛ إربعي علينا، أليست هاته أتانك التي كنت خرجت عليها؟ فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي هي؛ فيقلن: والله إن لها لشأنا. قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بن سعد و ما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعا لبنا، لبنا، فتحلب و نشرب، و ما يحلب إنسان قطرة لبن، و لا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم. ويلكم إسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب. فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن، و تروح غنمي شباعا لبنا. فلم نزل نعترف من الله الزيادة و الخير حتى مضت سنتاه و فصلته، و كان يشب شبابا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا قالت: فقدمنا به على أمه و نحن أحرس شيء على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته. فكلمنا أمه و قلت لها: لو تركت بني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وبا مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا
حديث الملكين اللذين شقا بطنه ص
قالت: فرجعنا به، فوالله إنه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا، إذ أتانا أخوه يشتد، فقال لي و لأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاه، فشقا بطنه، فهما يسوطانه قالت: فخرجت أنا و أبوه نحوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه. قالت: فالتزمته و التزمه أبوه فقلنا له: ما لك يابني؛ قال: جاءني رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاني و شقا بطني فالتمسا( فيه) شيئا لا أدري ما هو. قالت: فرجعنا به إلى خبائنا
رجوع حليمة به (ص) إلى أمه
قالت: و قال لي أبوه يا حلينة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به، قالت: فاحتملناه، فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به يا ظئر و قد كنت حريصة عليه، و على مكثه عندك، قالت : فقلت: قد بلغ الله ببني و قضيت الذي علي و تخوفت الأحداث عليه، فأديته إليك كما تحبين؛ قالت: ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت: فلم تدعني حتى أخبرتها، قالت: أتخوفت عليه الشيطان؟ قالت: قلت: نعم؛ قالت: كلا، والله ما للشيطان عليه من سبيل، و إن لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره، قالت: قلت ” بلا ” قالت: رأيت حين حملت به، أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام، ثم حملت به، فواله ما رأت من حمل قط كان أخف (علي ) و لا أيسر منه، و وقع حين ولدته و إنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء، دعيه عنك و انطلقي راشدة و قد سبق أن دونت في هذا الموضوع إلا أنني أردت الزيادة في الوضوح
تعريفه (ص) و آله بنفسه
و قد سئل عن ذلك: قال بن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد عن بعض أهل العلم، و لا أحسبه إلا عن خالد بن معدان الكلاعي
إن نفرا من أصحاب الرسول (ص). قالوا له: يا رسول اله أخبرنا عن نفسك، قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم و بشرى أخي عيسى، و رأت أمي حين حملت بي خرج منها نور أضاء قصور كسرى و استرضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا، إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطسط من ذهب مملوءة ثلجا، ثم أخذاني فشقا بطني، و استخرجا قلبي فشقاه، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها، ثم غسلا قلبي و بطني بذلك الثلج حتى أنقياه، ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال : زنه بألف من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، فقال: دعه عنك، فوالله لو وزنته بأمته لوزنها. قال الطبري بعد هذا:” ثم ظموني إلى صدرهم و قبلوا رأسي و ما بين عيني، ثم قالوا يا حبيب لم ترع، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك”. وقال بعض أهل العلم: أنه مما هاج أمه السعدية على رده إلى أمه مع ما ذكرت لأمه مما أخبرتها عنه أن نفرا من الحبشة نصارى رأوه معها حين رجعت به بعد فطامه فنظروا إليه و سألوها عنه و قلبوه، ثم قالوا لها: لنأخذن هذا الغلام فلنذهبن به إلى ملكنا و بلدنا، فإن هذا غلام كائن له شأن نحن نعرف أمره، ثم لم تكد و انفلتت منهم
اللهم اجمع شتات قلوبنا بحسن عنايتك، و أحي موات أسراننا بغيث ولايتك، و لاتطردنا بعيوبنا عن ولائم كرامتك، و اغفر لنا و لوالدينا و لجميع المسلمين
بقلم الفقير أحمد الهبري