الإســـــــــــــــــــــــــــــــــــــم
في اللغة
الإسم : كلمة أو عبارة تطلق على شيء أو شخص يعرف بها ويشار بها إليه في الحديث
في الاصطلاح الطريقة الكركرية
مظهر المسمى ورَتْقُ الأسماء وأصلها وأُسُّ المعاني وسرها ، فهو الذي يتحقق به اللفظ من غير مفارقة المسمى، و هو لا عينه ولا غيره، وإنما الدليل والطريق في مرتبة الوجود على الذات
في القرآن الكريم
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 71 ) مرة بمشتقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى
قال تعالى :وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
قال تعالى :فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِين
قال تعالى :لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ
قال تعالى :وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ
قال تعالى :الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
قال تعالى :فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
قال تعالى :فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
قال تعالى :اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
قال تعالى :وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
قال تعالى :سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى
قال تعالى :اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
في الحديث الشريف
عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تقوم الساعة على أحد ، يقول : الله الله ” . صحيح مسلم كِتَاب الإِيمَانِ بَاب ذَهَابِ الإِيمَانِ آخَرِ الزَّمَانِ رقم الحديث: 216
عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تقوم الساعة ، حتى لا يقال في الأرض : الله الله ” .صحيح مسلم كِتَاب الإِيمَانِ بَاب ذَهَابِ الإِيمَانِ آخَرِ الزَّمَانِ رقم الحديث: 215
عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” لا تقوم الساعة ، حتى لا يقال في الأرض : الله الله ، وحتى إن المرأة لتمر بالنعل ، فترفعها وتقول : قد كانت هذه لرجل ، وحتى يكون في خمسين امرأة القيم الواحد ، وحتى تمطر السماء ، ولا تنبت الأرض ” . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .المستدرك على الصحيحين كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.. ذِكْرُ فَضَائِلِ الْقَبَائِلِ ذِكْرُ فَضَائِلِ الأُمَّةِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِي … رقم الحديث: 8626
عن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الله الله في أصحابي , الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ” .جامع الترمذي كِتَاب الدَّعَوَاتِ أبوابُ الْمَنَاقِبِ رقم الحديث: 3827
حكم الذكر بالإسم المفرد
لا يوجد في كتاب الله عز وجل أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينهانا عن الذكر بالإسم المفرد ، ومسألة أنه لم يَجْرِ على ألسنة الصحابة هذا شيء لا يمكن الجزم به فلا يعلم بخلواتهم ومناجاتهم و ما كان يعتريهم من أحوال إلا مولاهم، فعن أبي هريرة ، قال : ” حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم ” . صحيح البخاري كِتَاب الْعِلْمِ بَاب حِفْظِ الْعِلْمِ رقم الحديث: 118
فالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يستحيل في حقهم عدم التبليغ وكتمان العلم كما يوحي ظاهر الحديث وإنما بلغوا لكل قوم ما يطيقون من باب خاطبوا الناس على قدر عقولهم فبلغوا رضي الله عنهم مقام الإسلام لأهل الإسلام ومقام الإيمان لأهل الإيمان ومقام الإحسان لأهل الإحسان ، حتى لا يُكَذَّبَ الله و رسوله عليه الصلاة و السلام
فبَلَّغَ سيدنا أبو هريرة وعاء علم الظاهر لأهل الظاهر و وعاء علم الباطن لأهل الباطن، قال تعالى :أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ
فالنعم إذن ظاهرة وباطنه وأعظم نعمة أنعم الله بها علينا أن هدانا لدينه
أما مسألة أن الشرع لم يستحب من الذكر إلا ما كان كلامًا تامًا مفيدًا وأن الإسم ليس كلاما تاما إنما هو كلمة مفردة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : ” أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.” صحيح البخاري كِتَاب التَّوْحِيدِ بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ رقم الحديث: 6883.، فالذاكر لإسم الله المفرد إنما يناجي الحق سواء في نفسه باطنيا أو في الملإ ظاهريا والحق يعلم مقصوده ولو من غير كلام فهل يمكن القول إن الله يشترط لقبول الذكر و المناجات أن يكون الكلام تاما معربا فكيف بالعجم والبكم و الجاهل بأصول اللغة؟
فسبحانه ربنا سبحانه، لا تتشابه عليه الأصوات ولا تختلط عليه الألسن، يعلم مبتغى كل نفس وما تريد بعلمه القديم الأزلي،كما أن الذكر في الخاطر لا يتقيد بمستلزمات اللغة والنحو وإنما يكون على الفطرة والسَّجِية
كما أن الذكر بالإسم المفرد إنما هو نداء بحذف أداته وكأن الذاكر يقول يــا الله يــا الله مثل قول الله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وأصله يا يوسف
ثم إن سيدنا بلال رضي الله عنه حين كان يعذبه أمية بن خلف تحت قيظ الشمس كان ذكره: “أحد أحد” فأقره صلى الله عليه وسلم ولم ينهاه
“و حكي أن رجلاً سأل الشبلي وقال يا أبا بكر لم تقول الله ولا تقول لا اله إلا الله فقال الشبلي لا أنفي به ضدا فقال زد أعلى من ذلك يا أبا بكر فقال الشبلي لا تجرى لساني بكلمة الجحود فقال زد أعلى من ذلك فقال أخشى الله أن أوخذ في وحشة الجحد فقال زد أعلى من ذلك فقال ( قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ ) فزعق الرجل وخرجت روحه فتعلق أولياء الرجل بالشبلي وادَّعَوا عليه دَمَه فحملوه إلى الخليفة فخرجت الرسالة إلى الشبلي من عند الخليفة يسأله عن دعواه فقال الشبلي روح حنت فرنت فدعيت فأجابت فما ذنبي فصاح الخليفة ومن وراء الحجاب خلوه لا ذنب به.” تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي ج1 ص383
كما أن الحديث في صحيح مسلم واضح اللغة جلي المعنى صحيح السند يقول فيه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه: ” لا تقوم الساعة على أحد، يقول: الله الله ” صحيح مسلم كِتَاب الإِيمَانِ بَاب ذَهَابِ الإِيمَانِ آخَرِ الزَّمَانِ رقم الحديث: 216 فلماذا التأويل والتبديل ثم إني أعجب ممن يحارب التأويل طول حياته فإذا وقف على حديث أو آية لا توافق منهجه تجده يلوي عنق المعنى حتى يوافق ما عهده من الفهم
قل الله
قال تعالى :قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
يقول سيدي ابن عجيبة
“وقوله تعالى: ( قل الله ) استشهد به الصوفيةُ، في طريق الإشارة، على الانفراد والانقطاع إلى الله، وعدم الالتفات إلى ما عليه الناس من الخوض والاشتغال بالأغيار و الأكدار، والخروج عنهم إلى مقام الصفاء، وهو شهود الفردانية، والعكوف في أسرار الوحدانية، قال ابن عطاء الله لما تكلم على أهل الشهود قال: لأنهم لله لا لشيء دونه ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون )، وقد يُنكِر عليهم من لم يفهم إشارتهم، تجمدًا ووقوفًا مع الظاهر، وللقرآن ظاهر وباطن لا يعرفه إلا الربانيون. نفعنا الله بهم، آمين”. تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة ج2 ص283
لا اثنينية عندنا باعتبار الجمع لأنه لا وجود على الحقيقة إلا لواجد الوجود فالحق الآن على ما كان عليه لا شيء معه، ذلك أن الموجودات إنما هي ظلال زائلة لا وجود لها إلا في الخيال، فلا شيء موجود لتنفيه، قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
أي كل شيء هالك فان إلا وجه الحق أي ذاته فكل الذوات فانية زائلة لا وجود لها أصلا لا في الحال ولا في الماضي ولا في الإستقبال فهي كالهباء في الهواء فعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل.”صحيح مسلم كِتَاب الْأَلْفَاظِ مِنَ الْأَدَبِ وَغَيْرِهَا بَاب اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ ، وَأَنَّهُ أَطْيَبُ الطِّيبِ … رقم الحديث: 4194
وقيل
أَحْرُفٌ أَرْبَعٌ بِهَا هَامَ قَلْبِي *** وَتَلاشَتْ بِهَا هُمُومي وَفِكْرِي
أَلِفٌ قَدْ تَأَلَّفَ الْخَلْقَ بِالصَّنْعِ *** ولاَمٌ عَلَى الْمَلاَمَةِ تَجْرِي
ثُمَّ لاَمٌ زِيَادَةٌ فيِ الْمَعَانِي **** ثُمَّ هَاءٌ بِهَا أَهِيم وأَدْرِي
وفي الحكم
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي أَظْهَرَ كُلَّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ بِكُلِّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ في كُلِّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِكُلِّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الظّاهِرُ قَبْلَ وُجودِ كُلِّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الواحِدُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ شَيءٌ
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ
وكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَلولاهُ ما كانَ وُجودُ كُلِّ شَيءٍ
يا عَجَباً كَيْفَ يَظْهَرُ الوُجودُ في العَدَمِ
أَمْ كَيْفَ يَثْبُتُ الحادِثُ مَعَ مَنْ لَهُ وَصْفُ القِدَمِ
وزدنا
كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء
قال سيدي أبو مدين قدس الله سره
الله قل وذر الوجود وما حوى
إن كنت مرتادا بلوغ كمال
فالكل دون الله إن حققته
عدم على التفصيل والإجمال
واعلم بأنك والعوالم كلها
لولاه في محو وفي اضمحلال
من لا وجود لذاته من ذاته
فوجوده لولاه عين محال
فالعارفون فنوا بأن لم يشهدوا
شيئا سوى المتكبر المتعال
ورأوا سواه على الحقيقة هالكا
في الحال والماضي والاستقبال
فالمح بعقلك أو بطرفك هل ترى
شيئا سوى فعل من الأفعال
وانظر إلى علو الوجود وسفله
نظرا تؤيده بالاستدلال
تجد الجميع يشير نحو جلاله
بلسان حال أو لسان مقال
قال تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ
“لو نظرت بنظر التحقيق في الكون وأهله رأيت حقيقة فنائه وفناء أهله وإن كان في الظاهر على رسم الوجود، لأن من يكون قيامه بغيره فهو فان في الحقيقة إذ لا يقوم بنفسه وكيف الحدث يقوم بنفس ولا نفس له في الحقيقة فإن الوجود الحقيقي وجود القدم لذلك أثنى على نفسه بقوله وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ وحقيقة البقاء لمن لا يزال باقيا قديما ومن كان أوله عدما وأخره عدما وجوده بخلاف من كان أوله قدما وأخره بقاء، إذا شاهدت مشاهدة الحق ترى الحق قائما بنفسه وترى الأشياء قائمة به فقد علمت هناك حقيقة الفناء والبقاء وحقيقة الوجود والعدم عرَّف الله سبحانه قدمه وبقاءه خلقه بفناء الدنيا وأهلها ليتحققوا في معرفته لان من دخل في البقاء بغير دخوله في الفناء لم يعرف حقيقة البقاء سئل الجنيد عن قوله كل من عليها فان قال من كان بين طرفي فناء فهو فان.”تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي ج3 ص376/377
ويقول ابن عطاء الله قدس الله سره:”ومن لطف الله تعالى أن أظهر من علمه وقدرته بهذا الاسم ما احتملته عقول خلقه ليصل حبله بحبلهم، وبفضله فطرتهم التي فطرهم على معرفته، فأشهدهم مشاهدتهم، فشهدوا بها على أنفسهم حين ألست، ثم أشهدهم الآن مشاهدتهم حال وجودهم، بأن أظهر لهم من أسمائه اسمه الأعظم ( الله ) وعرفهم به من أجله، وخفف ذكره على ألسنتهم، وأجراه دائماً وسهله عليهم، وأظهره لهم ظهوراً بيناً في ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فمن شدة ظهوره خفي حتى لم يوصف. ومن كثرة ذكره نُسىي حتى لم يعرف، فبه تستقيم الأمور. وبذكره يسهل العسير. وتقضى الحوائج وسائر الآراب، و يبتدؤ به مناولة جميع الأسباب، وهو الذي لم يسعه سماء ولا أرض، ولا عرش، ولا كرسي، سوى مشيئته، ومن شاء من قلوب من سبقت له منه الحسنى، و بقدر ما أودع الله تعالى منه في قلوب عباده المخلصين المختصين المشرفين، بإضافة عبوديتهم إليه، وبكبر قدره، ويكشف لهم منه سره، تعالت أسماؤه.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد باب اشتقاقه وأسمائه وحروفه الإسم المفرد ص 33/34
إقرأ باسم ربك
عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت : ” أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ، وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها ، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه ، فقال : اقرأ ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : (اقرأ باسم ربك الذي خلق)حتى بلغ (علم الإنسان ما لم يعلم) ، فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة ، فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : يا خديجة ما لي ، وأخبرها الخبر ، وقال : قد خشيت على نفسي ، فقالت له : كلا أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وهو ابن عم خديجة أخو أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة ابن أخي : ماذا ترى ؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم ؟ ، فقال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة ، حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل ، فقال يا محمد : إنك رسول الله حقا ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي ، غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل ، تبدى له جبريل ، فقال له مثل ذلك “.صحيح البخاري كِتَاب التَّعْبِيرِ بَاب أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم رقم الحديث: 6497
كان أول ما نزل قول الله تعالى :اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إذ كان عليه الصلاة والسلام غائبا في حضرة الجمع ، مستغرقا في بحر القرب فدَقَّت حضرة الإسم قلبه الشريف حتى يتذكر قراءة الأزل ،فجاءت همزة أول حرف تحت السطر إشارة إلى بطون السر الأفخم، فلما انفتح قلبه عليه الصلاة والسلام طفت الأزلية الأحمدية فوق حجب السطر فظهرت الصورة المحمدية وذلك سر ختم كلمة إقرأ بهمزة فوق السطر
فقرأ باسم ربه الذي هو الله الإسم الجامع الدال على الذات حقائق وجوده وسر ذَاتِيَته قال تعالى :اِقْرَأْ كِتَابك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حَسِيبًا
فقرأ سطور أزليته لنفسه بنفسه لشدة غيرة الحق على حبيبه المصطفى حتى لا يطلع على السر الذي بينه ويبن ربه مَلَكٌ ولا جن ولا إنس
فهداه الإسم للمسمى فكان علم سيدنا آدم عليه السلام الأسماء وعلم سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام المسميات
ففُتِحت بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أبواب القدم ففاضت حقائق الأحدية وانتشرت أنوار الصمدية
فكانت قراءته من ما وراء العلم على قرطاس ذاته بقلم الإسم ، فكانت سنة أهل الله من بعده الذكر بالإسم المفرد للترقي في رِكَابِ حَيْزُومِ الأزل
فكان علمهم ما وراء أطوار العبودية لذلك أنكره أغلب الخلق لتقيد عقولهم في ميادين التكليف، وفي المعنى قال سيدي العلوي قدس الله سره
يا من تريد تدري فني
فاسأل عني الألو هيا
أما البشر لا يعرفني
أحوالي عنه غيبيا
أطلبني عند التداني
من وراء العبوديا
أما الظروف و الأكوان
ليس لي فيها بقيا
وقلنا
واذكر الإسم الأعظم
لوازم الروحانية
شخص حروفه من نور
و اطو البشرية
الاسم والمسمى
مقام الوحدانية
فذكر الإسم المفرد أصل من أصول الطريقة الكركرية فهو المُشَعْشِعُ لروحانية المريد ونورانيته وهو الجامع لأسرار الحق فمن خرج عنه حاد طريق القوم وسنة الحبيب وكتاب الحق ، فلا قراءة إلا باسم الحق، واسمه الجامع لصفاته الدال على ذاته هو (الله
فإذا تمكن المُريد من تشخيص الحروف ترتحل الغفلة النسبية لا الكلية ويكون هذا التشخيص بالواسطة لمساعدة المريد على تثبيت حروف الإسم في قلبه
فإذا سرت نورانية حروف الإسم في قلبه انطوت تلقائيا بشريته فلا تستقيم البشرية وحروف الإسم ولا يجتمعان في قلب واحد و ذلك سر قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا فغيرة الحق وعزته تأبى الزيادة في مقام الألوهية
فإذا انطوت بشرية المريد وتلاشت وتمكن قلبه من استيعاب كل حروف الإسم أدرك سر تكثر الوحدة فعند ذلك يفنى ما لم يكن ويبقى ما لم يزل
الذات
في اللغة
ذات الشيء: نفسه
الذات: حقيقة الموجود ومقوماته ، يقابلها العَرَضْ . المعجم العربي الأساسي ص 477
في اصطلاح الطريقة الكركرية
مُسَمَّى عين الكل القائم بنفسه غير المُدْرَك بوجه من الوجوه ، الذي لا يوصف بعدم أو وجود ، فهي غيب الغيب وهي الكنز المخفي، وعلة ظهور سائر التَكَثُّرَات الأسمائية و الصفاتية و النعتية، المستندة عليها في قيامها المعدوم
“إن ذات الله سبحانه وتعالى غيب الأحدية التي كل العبارات واقعة عليها من وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة ، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة ، لأن الشيء إنما يفهم بما يناسبه فيطابقه أو بما ينافيه فيضادده ، وليس لذاته في الوجود مناسب ولا مطابق ، ولا مناف ، ولا مضاد. “الشيخ عبد الكريم الجيلي الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل ج 1 ص 13
فالفهم والإدراك يكون إما بالمناسبة أو بالتضاد والذات العلية لا وجود لما يناسبها أو يضادها ، فتحصل من ذلك أمرين هما
أولها: العجز عن الإدراك هو عين الإدراك
وقيل في المعنى
العَجْزُ عَنْ دَرَكِ الإِدْرَاكِ إدْرَاكُ وَالبَحْثُ عَنْ سرِّ ذات السرِّ إشْرَاكُ
وفي سَرائرِ هِمَّات الورى هِمَمٌ عن دركها عجزت جـنٌّ وأمـلاك
وثانيها: أن لا موجود بحق إلا الله ، قال الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه لأبي الحسن رضي الله عنه
” يا أبا الحسن حدد بصر الإيمان تجد الله في كل شيء وعند كل شيء ومع كل شيء وقبل كل شيء وبعد كل شيء وفوق كل شيء وتحت كل شيء وقريباً من كل شيء ومحيطاً بكل شيء، بقرب هو وصفه، وبحيطة هي نعته وعد عن الظرفية والحدود وعن الأماكن والجهات، وعن الصحبة والقرب بالمسافات وعن الدور بالمخلوقات وأمحق الكل بوصفه الأول والآخر والظاهر والباطن وهو هو هو كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان
قال الجيلي قدس الله سره
لا العين تبصر لا الحد يحصره لا الوصف يحضره من ذا ينادمه
كلت عبارته ضاعت إشارته هدت عمارته قلب يصادمــه
عال و لا فلك روح و لا ملك ملك له ملك عزة محارمـــه
عـين و لا بصر علم و لا خبر فعل و لا أثر غـابت مـعالمه
ذات مجردة نعت مفــردة آي مسردة يقراه راقمـــه
محض الوجود له والنفي يشمله يدري ويجهله من قام نائمـه
إن قلت تعرفه فلست تـنصفه أو قلت تنكره فأنت عالمــه
سري هويته روحي أنيتــه قلبي منصته و الجسم خادمـه
إني لأعقله مع ذاك أجــهله من ذا يحاصله صدت غنائمه..
ضدان قد جمعا فيه و ما امتنعا عين إذا نبعا هاجت ملاطمـه
الأحدية
في اصطلاح الطريقة الكركرية
أخص حضرات الذات اللاَّمُتَعَيِّنَة و قَلْزَمُ المحو لجميع المراتب والنسب و الإعتبارات ، وسائر الأعيان و التَّكَثُّرَات، فهي المنزهة عن الإشارة والمتعالية عن العبارة الدالة بنفسها عليها
فعن أبي بن كعب ، أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ” يا محمد انسب لنا ربك ، فأنزل الله تبارك وتعالى (قل هو الله أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد) مسند أحمد بن حنبل مُسْنَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ … مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ عَنْ أُبَيِّ رقم الحديث: 20717
انطوت هذه السورة على كل أسرار التوحيد والمعارف الربانية إذ أن كتاب الحق المبين كما هو معلوم جاء على ثلاث أقسام ظاهرية وهي
• الأحكام
• القصص
• العقيدة
و قد استوفت صورة الإخلاص جميع أسس ومراتب التوحيد لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ” أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن ؟ قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن ؟ قال : قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن “.صحيح مسلم كِتَاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا بَاب فَضْلِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ رقم الحديث: 1350
ومعناها في علم الإشارة
أن الحق كان كنزا مخفيا في أزله فأحب أن يعرف ، فخلق الخلق ليعرف ثم اضطلع على قوابلهم فعلم عجزهم عن معرفته لغموض صلة الحادث بالقديم، فأقام بينهم وبينه مخلوقا من جنسهم في الصورة وألبسه الرأفة والرحمة وغفر له ما تقدم وما تأخر، وشرح بنور التوحيد صدره، وألقى فصاحة الربوبية على لسانه و فتح به أبواب القدم، وكشف له عن عين الحقيقة فأمره بتعريفه لخلقه فقال قل أنت يا محمد فكان القاف أول الحروف المنزلة القاهرة بسر قدم الحق حدوث الخلق وحتى تظهر عظمة القدم على الحدثان، إذ ذاك قال هو فتاهت قلوب أهل التوحيد في أودية الحيرة و التِّيهِ لَمَّا تَبَدَّت لهم عظمة الهوية و تزلزلت أركان وجودهم و انهدت، و أفناهم فناء سرمديا حتى يبقى كنه الألوهية منزها عن الشريك، عند ذلك أظهر اسمه الجامع الدال عليه الله فتبينوا لام العظمة فسجدوا ولام العشق فذابوا من رجفة الشوق والوله، ثم كاشفهم بفردانية الألف فأقروا بالعجز عن الإدراك وسكن فيهم كل متحرك و انمحقوا في عين الجمع فتجلت سطوة الأحد فاندكت الكثرة الإعتبارية والنسب العينية فما من مخبر عنهم وما من خبر
“قال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن العارف: والحاصل: أنَّ الإشارة بـ ” هو ” مختصة بأهل الاستغراق والتحقُّق في الهوية الحقيقة، فلانطباق بحر الأحدية عليهم، وانكشاف الوجود الحقيقي لديهم، فقدوا مَن يشار إليه إلاّ هو، لأنّ المُشار إليه لمّا كان واحداً كانت الإشارة مطلقة لا تكون إلاّ إليه، لفقد ما سواه في شعورهم، لفنائهم عن الرسوم البشرية بالكلية، وغيبتهم عن وجودهم، وعن إحساسهم وأوصافهم الكونية، وذلك غاية في التوحيد والإعظام. منحنا اللهُ ذلك على الدوام، وجعلنا من أهله، ببركة نبيه عليه الصلاة والسلام. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.”تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة ج8 ص373
وفي لطائف الإشارات: “يقال: السورة بعضها تفسيرٌ لبعض؛ مَنْ هو الله ؟ هو الله. مَنْ الله؟ الأحد، مَنْ الأحد؟ الصمد، مَنْ الصمد؟ الذي لم يلد ولم يولد، مَنْ الذي لم يلد ولم يولَد؟ الذي لم يكن له كفواً أحد
ويقال: كاشَفَ الأسرارَ بقوله: ” هو “. وكاشَفَ الأرواحَ بقوله: ” الله ” وكاشَفَ القلوبَ بقوله: ” أحد “. وكاشَفَ نفوسَ المؤمنين بباقي السورة
ويقال: كاشَفَ الوالهين بقوله: ” هو ” ، والموحِّدين بقوله: ” الله ” والعارفين بقوله: ” أحد ” والعلماء بقوله: ” الصمد ” ، والعقلاء بقوله: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ).. إلى آخره.”تفسير لطائف الإشارات / القشيري ج3 ص 783
وفي الصلاة المشيشية يقول سيدي عبد السلام قدس الله سره: “وزجّ بي في بحار الأحديّة
أي أدخلني إلى بحار الذات المنزهة عن أمواج الصفات والأسماء، حيت تسقط كل الإعتبارات و التعينات والنسب والإشارات والآثار والمؤثرات
و الأحدية في علم القوم غير الواحدية فالأحدية من الأحد و الواحدية من الواحد
و الأحدية أعلى من الواحدية ذلك أن الأحدية محض الذات مع محو كل التعلقات الأسمائية و الصفاتية أما الوحدانية فهي الذات الصرفة مع الأسماء و الصفات في دائرة الحكم الذاتي حيث كل واحد عين الآخر، “فالأحدية مجلى (كان الله ولا شيء معه) والواحدية مجلى (وهو الآن على ما كان عليه)” .الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل للجيلي ص 49
والحديث هنا عن الأحدية فقط للتقريب لا للتعريف لأنه من حيث التحقيق لا كلام عليها
هاء الهوية
في اصطلاح الطريقة الكركرية
الهُوِيَّة الحقية الظاهرة بمطلق الوجود والإحاطة الشمولية للشيئية
فبعد حذف اللامين والألف تبقى هاء بواو مضمرة خطا إشارة إلى وحدانية الحق
قال تعالى :لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدً
قال تعالى :لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
قال تعالى :هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
قال تعالى :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
هو إشارة إلى الأولية و الآخرية فالهاء من حروف أقصى الحلق والواو شفوي كما أن ذكر الهو يُبقي الفم مفتوحا إشارة إلى الأزلية و الهو أول الأسماء كما جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا ، مِائَةً إِلا وَاحِدًا ، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ ، الرَّحِيمُ ، الْمَلِكُ ، الْقُدُّوسُ ، السَّلامُ ، الْمُؤْمِنُ ، الْمُهَيْمِنُ ، الْعَزِيزُ ، الْجَبَّارُ ، الْمُتَكَبِّرُ ، الْخَالِقُ ، الْبَارِئُ ، الْمُصَوِّرُ ، الْغَفَّارُ ، الْقَهَّارُ ، الْوَهَّابُ ، الرَّزَّاقُ ، الْفَتَّاحُ ، الْعَلِيمُ ، الْقَابِضُ ، الْبَاسِطُ ، الْخَافِضُ ، الرَّافِعُ ، الْمُعِزُّ ، الْمُذِلُّ ، السَّمِيعُ ، الْبَصِيرُ ، الْحَكَمُ ، الْعَدْلُ ، اللَّطِيفُ ، الْخَبِيرُ ، الْحَلِيمُ ، الْعَظِيمُ ، الْغَفُورُ ، الشَّكُورُ ، الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ، الْحَفِيظُ ، الْمُقِيتُ ، الْحَسِيبُ ، الْجَلِيلُ ، الْكَرِيمُ ، الرَّقِيبُ ، الْوَاسِعُ ، الْحَكِيمُ ، الْوَدُودُ ، الْمَجِيدُ ، الْمُجِيبُ ، الْبَاعِثُ ، الشَّهِيدُ ، الْحَقُّ ، الْوَكِيلُ ، الْقَوِيُّ ، الْمَتِينُ ، الْوَلِيُّ ، الْحَمِيدُ ، الْمُحْصِي ، الْمُبْدِئُ ، الْمُعِيدُ ، الْمُحْيِي ، الْمُمِيتُ ، الْحَيُّ ، الْقَيُّومُ ، الْوَاجِدُ ، الْمَاجِدُ ، الْوَاحِدُ ، الأَحَدُ ، الصَّمَدُ ، الْقَادِرُ ، الْمُقْتَدِرُ ، الْمُقَدِّمُ ، الْمُؤَخِّرُ ، الأَوَّلُ ، الآخِرُ ، الظَّاهِرُ ، الْبَاطِنُ ، الْمُتَعَالِ ، الْبَرُّ ، التَّوَّابُ ، الْمُنْتَقِمُ ، الْعَفُوُّ ، الرَّءُوفُ ، مَالِكُ الْمُلْكِ ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، الْمُقْسِطُ ، الْمَانِعُ ، الْغَنِيُّ ، الْمُغْنِي ، الْجَامِعُ ، الضَّارُّ ، النَّافِعُ ، النُّورُ ، الْهَادِي ، الْبَدِيعُ ، الْبَاقِي ، الْوَارِثُ ، الرَّشِيدُ،الصَّبُور” صحيح ابن حبان كِتَابُ الرَّقَائِقِ بَابُ الأَذْكَارِ ِ رقم الحديث: 815
وقيل أن هذه الآية جمعت العلم وهي قوله تعالى:هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
و قد ابتدأت هذه الآية بهو وختمت بهو إشارة إلى انطواء العلم في الهوية
“وروي أن أبا القاسم الجنيد رحمه الله تعالى قال لبعض خواص أصحابه: إن اسم الله الأعظم هو ( هو ) لأن الله تعالى أظهره أولاً في اسمه (الله ) وأخفاه آخراً في ( هاء ) اسمه ( الله ) فهو ( هو ) فمن شدة ظهوره استتر وخفي حتى لم يعرف. ومن كثرة ذكره ظهر ونُسي ولم يوصف.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 56
كما ذكر ابن عطاء الله في كتاب القصد المجرد أن آية الكرسي كانت سيدة آي القرآن لما اشتملت عليه من الهاءات المضمرة العائدة على الذات و هي أحد عشر هاءا مضمرة كما أنها اختصت بستر اسم الذات فيها، وفي مضمرات هاءاتها
“وروي أن أبا بكر الشبلي رحمه الله تعالى قال: لقيت جارية حبشية مولهة وهي تجيء وتسرع في مسيرها. فقلت لها يا أَمَةَ الله رفقاً عليك والطفي بنفسك. فقالت ( هو هو ) فقلت لها من أين أقبلت فقالت من (هو) فقلت لها وأين تريدين فقالت إلى ( هو ) فقلت ما تريدين من ( هو ) قالت ( هو ) فقلت لها ما اسمك قالت ( هو ) فقلت لها لهاكم ذكر ( هو ) قالت لا يفتر لساني عن ذكر ( هو ) حتى ألقى ( هو ) ثم قالت
وَ حُرْمَةِ الْوُدِّ مَالِي عَنْكُمُ عَوَضُ وَلَيْسَ لِي فِي سِوَاكُمْ بَعْدَكُمْ غَرَضُ
وَمِنْ جُنُونِي بِكُمْ قَالُوا بِهَا مَرَضٌ فَقُلْتُ لاَ زَالَ عَنِّي ذَلِـكَ الْمرَضُ
قال الشبلي فقلت لها يا أمة الله ما تعنين بقولك ( هو ) الله تريدين. قال فلما سمعت بذكر الله شهقت شهقة فاضت منها نفسها. رحمة الله عليها
قال فأردت أن آخذ في تجهيزها ودفنها فنوديت يا شبلي، من هام بحبنا وتاه في طلبنا وتوله بذكرنا ومات باسمنا اتركه لنا فديته علينا قال الشبلي فالتفت أنظر من المتكلم فسترت عني وحجبت عنها فلم أدر أرفعت أم دفنت عفا الله عنها.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 62
“وقيل إن الموحدين أربعة أصناف
الصنف الأول: قالوا ( لا إله إلاّ الله ) بين النفي والإثبات، نفي الأوهام عن الأفهام وإثبات الواحد عن الضد والند
الصنف الثاني: قالوا ( الله ) اقتصروا على ذكر الاسم المفرد من غير نفي وإثبات، ورأوا
أن الإثبات بعد النفي وحشة وجفاء
الصنف الثالث: قالوا ( هو هو ) حق بحق إثبات الإثبات، وهو الذكر الدائم الخفي عن اللسان. وهو ذكر القلب
الصنف الرابع: خرسوا فلم ينطقوا. وفنوا به عنهم، وغابوا على ذكر التوحيد بمشاهدة المذكور الواحد. فكان ذكر توحيدهم عياناً لا لساناً.”القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 58
لام المعرفة
في اصطلاح الطريقة الكركرية
سر القبض المُوَحِّد للقِبَلِ المفني للرسوم و مَظْهَر الحقائق الحقية ومركز المعاني الكلية
فبحذف الألف التوحيد و اللام الأولى للعشق يبقى له
قال تعالى :أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
قال تعالى :أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال تعالى :إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
قال تعالى :قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
قال تعالى :وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
قال تعالى :لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
قال تعالى :الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
ولجلالة لام الملك جاء مشددا ممدودا لإظهار سريان الألف وحتى ينتبه المريد إلى قبلة الأزل
فلام الملك مظهر الإنسان الكامل الذي هو سر الأعيان وجامع الحقائق الكونية المخلوق في أحسن تقويم، و مبدأ العد ونسخة أم الكتاب ومظهر ظل الإسم الأعظم المنطوي على مراتب الوجود، ونواة المحجة البيضاء وحضرة الجمع الكبرى، وقيل فيه
“سرُّ الأُلَيْف سَرَى فِي اللاَّم مُتَّـحداً فافحصْ عليْهِ وَلاَ تَنْظُرْ إلى الصُّوَرِ
سرُّ الْمَعَارف في اللاَّمَيْنِ مُجْتَمـعاً كالشَّمْسِ طالعةً و الفَجرِ في سحَرِ
واللاَّمُ تُخْبِرُ أنَّ الخَلْقَ في طَــرَفٍ مِنَ الأُليفِ بلا رَيْبٍ ولا نُــكُرِ
فاطلُبْ وجيزَةَ ما في اللامَّ مِنْ حِكَمٍ و افْهمْ مَعَانِيهَا إنْ كُنْتَ ذَا نَـظَرِ
تجِدْ حَقيقَةَ مَا قَدْ كَانَ مُــسْتَتِراً َ كنْزًا عَظيماً خَفَى عَنْ سَائِرِ الْبَشَرِ القصد المجرد في معرفة الإسم المفرد ص 53
لام العشق
في اصطلاح الطريقة الكركرية
منزلة الذوبان بماء الحب الغيبي الظاهر باتساع صدر العقل لِحَمْلِ عِبْئِ تَنَزُّلِ أسرار الحق
فبعد تغييب الألف صار الإسم لله
قال تعالى :بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ
قال تعالى :سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
قال تعالى :فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ
قال تعالى :الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
قال تعالى :قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ
قال تعالى :يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
قال تعالى :أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ
قال تعالى :هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا
لام البسط هو حضرة العشق والحب هو حضرة الهُيام التام بالمحبوب و الإنسلاخ الكامل عن الأنا الذاتية حتى يسري سِرُّ سِرِّ المُلك فينجلي ناسوت المُريد عن لاهوت المُراد فيتبين حقيقته الأمرية في التشبيه والتنزيه ، يحكى أن قيس المحب كان يمشي هائما في الصحاري يقول أنا ليلى
و من أجمل ما قيل في الحب قول سيدي ابن الفارض قدس الله سره
زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّـراً وارحمْ حشى ً بلظى هواكَ تسعَّـراً
وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقـة ً فاسمَحْ، و لا تجعلْ جوابي لن تَـرَى
يا قلبُ!أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجــرا
إنّ الغَرامَ هوَ الحَياة، فَـمُتْ بِهِ صَبّاً، فحقّكَ أن تَموتَ، و تُعـذَرَا
وقال أيضا
هُوَ الحُبّ فاسلمْ بالحشا ما الهَوَى سَهْلُ فَما اختارَهُ مُضْنًى بهِ، ولهُ عَقْلُ
وعِشْ خالياً فالحبُّ راحــــتُهُ عناً وأوّلُهُ سُقْمٌ، وآخِرُهُ قَتـــْلُ
وقال سيدي الحراق قدس الله سره
سلوا الحبَّ عني هل أنا فيه مُدَّعي فإنه يـدري فـي الصـبابة مَوْضِعي
ويعـلـمُ حقّاً أن عـندي أحِبَّةً أُحـبُّهـمُ بـالطبْع لا بــالتَّطَبُّـع
على أنني فـي الحقِّ واللهِ عبدُهم فلستُ فقـيرًا لا عـلـيَّ ولا معـي
لأني بـهم نِلْتُ الغِ