وجوب بيعة الحاكم المسلم
ان في عصرنا هذا كثيرا من الذين يجهلون قواعد الاسلام و ينكرون علي من اتبعها وإمتثل أومرها وإجتنب نواهيها ، وهم يعلمون أنه لا تبديل في احكام الدين و لا يمكن لاي مسلم ان ينتقد ما امر به الله و رسوله صلي الله عليه و سلم. و من القواعد التي ينتقدها المبتدعون على أهل السنة والجماعة أصحاب المذاهب الأربعة والأشاعرة والصوفية والتي ينكرونها على اهل طريقتنا الكركرية في طاعتهم للحاكم و حبّهم له، و نصرتهم له ، وسبب هذا الانكار منهم أنهم يجهلون روح الاسلام وحقيقة الأحكام التي دعت إلى وجوب مبايعة الحاكم والدخول تحت ولايته وتوقيره ، وإتباع إرشاد الله تعالى في أمره بطاعة الحاكم ، فإذا إختار هؤلاء العنف و الفساد و البغي بينما قال رسول الله عليه الصلاة و السلام: الفتنة نائمة ، لعن الله من أيقظها فنحن، نختار النظام و الحفاظ علي دماء المسلمين، و إستقرار بلادهم علي ظهور الفساد فيها وسفك الدماء في الأرض. و في هذا، لا نتبع الاّ ما امر الله و رسوله صلي الله عليه و سلّم لذلك الطريقة الكركرية تبايع الملك محمد السادس حفظه الله و تتبرّأ من الذين يلقّون بألسنتهم و يقولون بأفواههم ما ليس لهم به علم. و من له إنتقاد علي الحاكم، فقد أشار النبي صلي الله عليه و سلّم النهج للإعتراض اليه ، وهذا النهج ليس بتسليح الناس للحرب و قتل المسلمين، او بسب و طعن، بل هو بالحوار و النصيحة للإصلاح. و في الحديث: أَفْضَل الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر حتي عند سلطان جائر، النبي صلي الله عليه و سلّم ينصح الحوار، و كيف مع سلطان مثل ملك المغرب الذي يعتكف علي خدمة وطنه؟ ويحافظ على دينه ودنياهم ويحرص على امنهم ومستقبلهم… بعد ذلك، يجب ان نتكلم عن خطر القذف و الإفتراء في الإسلام ، فقد نزل الدين للحفاظ علي عرض الإنسان ، فالإسلام لا يقبل نطق الشتائم علي أحد لاسيما إن كانت مفتريات. ورد في الحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر و قد شدد العلماء في دفاعهم عن اهل البيت والتحذير من سبهم لحفظ على عرض و شرف النبي عليه الصلاة و السلام. و لذا، قال الشيخ الدردير المالكي: ( و ) شدد عليه أيضا ( في ) نسبة شيء ( قبيح ) من قول أو فعل ( لأحد ذريته عليه السلام ) ( مع العلم به ) وذريته عليه السلام انحصرت في أولاد فاطمة الزهراء وأما آل البيت من غيرها مع العلم بهم فالظاهر أنه كذلك و لا يجهل أحد في العالم أن ملوك المغرب، العلوّيون، من ذرية النبي صلي الله عليه و سلّم من فرع سيّدنا الحسن رضي الله عنه فعلي الأقل، يجب علي المسلم رعايتهم، وحبهم و نصرهم حسابا لنسبهم الشريف.و بألإضافة الي هذا، قد أمرنا الله بطاعة الحكام ما داموا يكونو مسلمين. هذا واضح من السنة و لا نجد إختلافا في وجوب البيعة للوليّ و طاعته: * عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم و النصيحة هي الإخلاص و الصدق * وعن ابن عمر رضي الله عنهما: سَمِعْتُ رسول الله يقول :مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً * وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني * وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية” * وعن أبى بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من أهان السلطان أهانه الله” هذه الأحاديث كلها تدل علي وجوب البيعة لوليّ الأمر. حتي أخبرنا رسول الله عليه الصلاة و السلام ان من مات بلا بيعة كأنما مات كافرا. يهدد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كلّ المسلمين و يحذرهم من الخروج علي الحاكم. و الطريقة الكركرية قائمة علي السنّة. ويستحيل ان لا نتبع هذا الامر البيّن، كيف لا و قد اوصل الله طاعته علي طاعة الحاكم لمّا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ و ذلك لان من يشتغل بأمور المؤمنين، له حظّ كبير عند الله، إذا عدل فيها. و قال النبي صلي الله عليه و سلّم: * وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حمكهم وأهليهم وما ولوا * أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رفيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال و قد جازى الله من أطاع الحاكم بإلجنّة. قال النبي صلي الله عليه و سلّم : اتقوا الله، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، و أطيعوا أمراءكم، تدخلوا جنة ربكم و قد شدّد النبي صلي الله عليه و سلّم في النهي عن الخروج علي الإمام و قتاله ما دام يكون مسلما. و لو كان السلطان ظالما، قد فضّل الله حفاظ دماء المسلمين و نهي عن البغي. و كيف مع سلطان يحافظ مصالح قومه؟ و قال الله تعالى : إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ و صرحت السنّة بهذه المسئلة فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة * وعن أبى هنيدة وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا امراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اسمعوا وأطيعو؛ فإنما عليهما حملوا، وعليكم ماحملتم * عن أبي الوليد عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: “بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرةٍ علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله تعالى فيه برهان ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم” إذاً لم يرد قط حديثٌ عن رسول الله عليه الصلاة و السلام يستحّل الخروج علي الحاكم المسلم.بل هدّد من خلع عن بيعته، و لو مع سلطان جائر، بموتة الجهليّة، بموت الكافر. والخروج علي الإمام يصنف في باب البغي و لم يزالو العلماء يفتون بتحريمه، و قال وليّ مراكش القاضي عياض بن موسي : وقال جمهور أهل السنة من أهل الحديث والفقه والكلام : لا يخلع بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ، ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه ، وترك طاعته فيما لا تجب طاعته ، للأحاديث الواردة في ذلك من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ما أقاموا الصلاة) ، وقوله : (صلِّ خلف كل بر وفاجر) ، وقوله : (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان) ، وقوله : (وألا ننازع الأمر أهله) ، وأن حدوث الفسق لا يوجب خلعه . وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذه المسألة الإجماع و قال الإمام المناوي، شارحا للحديث” إنه سيلي أموركم من بعدي رجال يطفئون السنة و يحدثون بدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها . قال ابن مسعود: كيف بي إذا أدركتهم ؟ قال: ليس – يا ابن أم عبد -طاعة لمن عصى الله . قالها ثلاثا ” : وفي رواية ابن مسعود يطفئون السنة ويعملون بالبدع وفي هذا الحديث وما قبله إيذان بأن الإمام لا ينعزل بالفسق ولا بالجور ولا يجوز الخروج عليه بذلك لكنه لا يطاع فيما أمر به من المعاصي. كل ذلك يدّل علي ان سبيل طريقتنا، البيعة للحاكم المسلم، هو السبيل الواحد المقبول في الإسلام وعليه عاش المغاربة منذ 12 قرنا ، و لا نخاف فيه لومة لائم. و بيقين ندعو الله لملك المغرب، لينصره الله، ويمكنن له في الارض ، و ليؤيده الحق في خدمة المسلمين. و ندعو الله له كما فعل الرسول لكل من اشتغل بأمور المسلمين، صلى الله عليه وسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتى هذا: “اللهم من ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه ومن ولى من أمر أمتى شيئاً، فرفق بهم، فارفق به * وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “خياركم أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ” فأللّهمّ، اجعلنا من عبادك الصالحين، المتّقين الذين لا يجدون في انفسهم حرجا مماّ قضيت. امتنا تحت بيعة ملكنا وولاة أمورنا واحفظه وا حفظ به البلاد والعباد وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن و لا تسّلط علينا بذنوبنا من لا يخافك و لا يرحمنا ، وامتنا متأدبين مع شيخنا و صلي الله و سلّم علي سيّدنا محمد الفاتح لما أغلق و الخاتم لما سبق و علي آله و صحبه وسلم تسليما
الفقير محمد انجاي السنغال