سمعت شيخي بحر المعارف وينبوع اللطائف سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه وعنا به وقدس الله سره وجهره يقول
القلب الكعبوي هو القلب الذي سكنه الحق
القلب هو تلك اللطيفة النورانية…التي جعلها الحق محل نظره…والقلب هوالحاكم على مملكة الجسد…إن صلح صلحت الجوارح…وإن فسد فسدت الجوارح…فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا في الجسد مضغة إذا ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب
والقلب يكون وعاءا للحضرة العلية…إذا تطهر من الأغيار…بنور الحبيب المختار…فعنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ( الزُّهْدِ ) ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ :إِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَتَحَ السَّمَوَاتِ لِحِزْقِيلَ ، عَلَيْهِ السَّلامِ ، حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْعَرْشِ ، فَقَالَ حِزْقِيلُ : سُبْحَانَكَ يَا رَبِّ ، مَا أَعْظَمَكَ ! فَقَالَ اللَّهُ ، تَعَالَى : إِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ضَعُفْنَ عَنْ أَنْ يَسَعْنَنِي ، وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ الْوَادِعِ اللَّيِّنِ
فالقلب لم يخلق ليكون فارغا…إن لم يسكنه الحق سكنه الخلق…وأنت ذليل لمن سكنه… وتابع لمن إمتلأ به… وملك لكل من دخله…فإختر لنفسك من إذا سكنه…تعززت بإذلاله…وتنورت بإتباعه…وتشرفت بعبوديتك له
حطم صنم الكائنات في قلبك بنور الله…وحارب ظلمة الحس بأنوار المعاني…عندئذ يتسع قلبك لسعة الحق وعظمته…فيكون كعبويا لا جهة له ولامكان…من غير حلول ولا إتحاد ولا ممازجة…فكل ذلك كفر في التشريع والتحقيق…وإنما المقصود بإتساع القلب لحضرة الحق…هو ظهور معاني أسمائه تعالى في قلبك…فيتنور بإسمه تعالى النور…فتتوارد عليه التجليات وتتنوع من حضرة الأسماء…فالله نور السموات والأرض…ومثل نوره كمشكاة…فالقلب هو المشكاة التي تمثل فيها نور الحق…وفي الحديث إتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله…فهو ينظر بنور الحق إلى الحق في مشكاة القلب
ولقد حاولت التعبير عن هذا المعنى فقلت
طافت قلوب العاشقين بها **** فإصطفت ما تشاء لسكنتي
كلي بكلـها قد شـغلت بـها **** أرجوا رضاها وذاك منيتي
ولعـزهـا إخترت ذلي لهـا **** عساها تجود علي بخلعتي
خـذها إن ترد وصلا بهـا **** من عند الفوزوي روح العنايتي